أخبار عاجلة

أيها المؤولون الوطن فوق كل اعتبار: الأستاذ:محمد سيدأحماد

17 مايو,2016 - 19:21
صنورة   في إحدى المعارك الإسلامية هزم جيش قائد معروف عدوه وأسر عددا من الجنود وكانت الفترة شتاء والليلة شديدة البرد فقال لأعوانه: أدفئوهم. فما كان من هؤلاء إلا أن قتلوهم متأولين هذه العبارة فهي في بعض لغات العرب بمعنى اقتلوهم. وفي زمن الحجاج بن يوسف جيء برجل للنظر في أمره فلما مثل بين يديه قال الحجاج لأعوانه: أحملوا هذا على الأدهم فما كان من الرجل إلا أن بادر قائلا أدام الله بقاءك أيها الأمير فمثلك يحمل على الأدهم والأشقر مؤولا الأدهم بالفرس فأعجب الحجاج ببلاغته ومرة بينما كان الدب (كرفاف) في حالة إعياء وجوع شديد مر بأضاة فاض ماؤها فلفتت انتباهه وتأول وفرة المياه وقال قولته الشهيرة: هذا من الم لابد اتعود فيه جقم من مَ الْحم(هذا من الماء لا يخلو من المرق) وبدأ يشرب. تذكرت هذه الحكايات الثلاثة في هذه الأسابيع التي انفتح فيها الباب على مصراعيه أمام سيل جارف من القراءات والتأويلات والتأويلات المضادة وكأن كلام السياسيين أصبح طلاسما وألغازا لا بد لفهمها من دراسة وتفكيك للرموز حتى ولو تطلب ذلك جعل المصلحة العامة في مهب الريح. والمحير في الأمر أن تلك التأويلات تتجاوز في بعض الأحيان حدود المنطق بل حدود الخيال حين يتناسى أصحابها أن لهم وطنا يسمى الجمهورية الإسلامية الموريتانية محتاج إلى كل أبنائه وأن السياسي الناجح هو ذلك الذي يحمل مشروعا مقنعا هدفه بناء الوطن يتمسك به وينطلق منه ولا يتناقض معه وأن اختلاف الآراء ظاهرة صحية وهي لب الديمقراطية ما دام المقصد واحدا فمتى يفهم السياسيون أغلبية ومعارضة وما بينهما أن الوطن فوق كل اعتبار وأن كل إنسان تجري عليه نيته. وأننا بحاجة إلى تأويلات تخدم المصلحة العامة لهذا البلد لا إلى التي لا تخدم إلا أصحابها وقد لا تخدم إلا أعداء الوطن وأننا في أمس الحاجة إلى تأويل يحول الموت إلى حياة كما فعل صاحب الحجاج لا إلى تأويل يحول الإنسانية والعطف إلى قسوة وقتل كما فعل أصحاب خالد بن الوليد ولا نريد تأويل الغاية تبرر الوسيلة كما فعل الدب ومع ذلك نرجو أن يكون كل ذلك مجرد ترف سياسي لا يرقى إلى مستوى النيل من مصالح الوطن، ومهما يكن: أولوا كما شئتم كن تذكروا أن الوطن فوق كل اعتبار وتدبروا قول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: (… من كان يؤمن بالله واليوم الآخرفليقل خيرا أو ليصمت).
الأستاذ:محمد سيدأحماد

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى