أخبار عاجلة

تسويق الأرز … ثراء علي الركام ..؟

7 أغسطس,2016 - 23:21

تامت    من قال اننا على اعتاب بلوغ الاكتفاء الغذائي من مادة الأرز ………………؟
أرجوا ان يكون صادقا.
للتذكير: ما ينتجه مزارعونا اليوم يساوي بالأوقية 50% من قيمته في الامس ،هو تراجع، هبوط، ركود،فشل، سميه ما شئت، لكن لا جدال في حقيقة واحدة انه تراجع لا يعبر عن التحسن والتطور!…
كيف ………..؟
انتهجت الدولة بداية 2011 سياسة ضمان شراء المحصول لتحفيز المزارع وزيادة الإنتاج وبسعر 103 اوقية للكلغ كان اجراءا جيدا وضع المزارع في ظروف مريحة ،رفع نسبة الإنتاج ،زاد من كمية المساحات المزروعة ،شجع الاقبال علي الزراعة والاستثمار فيها ،لكن الدولة تراجعت سنة 2015 بإلغاء تلك السياسة الي سياسة جديدة مفاجئة بلا مقدمة ،سياسة بلا تسويق، بلا خطة … لا يوجد بديل اليوم، ولا داعي للتذكير باخر سعر في عداد الهبوط المدوي لأسعار الأرز، فاخر ثمن بمفهوم سياسة السوق -ليبرالية المتوحشة- 55 اوقية للكلغ مع ثبات في سعر الحصاد والعمال والاسمدة والبذور ان وجدت وغيرها في تناقض عجيب الغاية منه إغراق المزارع قبل قتله….. فوضوية لا حدود لها ، قضت علي المكتسبات التي تحققت في سنين العرق والصبر والعمل والانفاق …….. كنا ننشد تحقيق مشروع طموح: الاكتفاء الذاتي في المجال الغذائي، سخرت موارد بشرية ومادية هائلة لتحقيق الحلم، تحدث المسؤولون بثناء عن نتائج تتحقق، قالوا بوضوح ان نسبة 85 % من الحاجات الغذائية للبلد قد تحققت .
فهل تنسجم هذه المعطيات مع واقع اليوم ………؟
من المعلوم ان خطة التسويق الممتدة طيلة 4 سنوات اعتمدت علي ثلاث حلقات شكل المزارع او المنتج الركيزة الاولي والعمود الفقري لها مرورا بالمصانع وانتهاء بالدولة الضامن الوحيد الذي يتحمل أعباء مالية كبيرة لفائدة المصانع ،بيد ان هذه المصانع ورغم كونها الرابح الأكبر والخاسر الأقل في العملية برمتها لم تلعب دورها المتوقع في استغلال الضفرة المالية المريحة بشكل إيجابي ،لم ينعكس ذألك الدعم علي جودة تصنيعها….. لم تقنع المستهلك المحلي ،ولم تنافس المنتج الأجنبي بالجودة ، لقد ظل الإنتاج الرديء سلوكها ،والتحايل طبيعتها وما كان لذالك ان يتحقق لولا تواطئ معلن ومحمي من الإدارة صادف رغبتها الزائدة في تسويغ إنجازات وهمية، لم تحظي بالوقت والجهد والإرادة المطلوبة لتري النور، كانت مقايضة مكشوفة : مصانع تتحايل من اجل المال مع إدارة تغالط من اجل إنجازات عرجاء غير مكتملة ولا يراد لها ان تكتمل، سلوك غيرجضاري يجسد بصدق واقع الفساد وثقافة التحايل في ما تبقي من مجتمع هش لا زال ينزف تحت وضاة الفقر والجهل والتخلف
كان من السهل اكتشاف هذا الواقع المر ومعالجته بصفة مبكرة وصارمة قبل فوات الأوان للوقوف علي الحقيقة ومحاسبة المفسدين .
كان من الممكن وضع حد لفساد شركة سونمكس تلك المؤسسة السيئة الصيت وكر الفساد الزراعي المتورطة أخيرا في ضياع المليارات من الأسمدة والتحايل المدمر بتسويق أرزا فاسد لتبقي مصانع رديئة في ثراء وغننا فاحش ، اخر أوجه الفساد في تلك المؤسسة اختفاء مديرها الجهوي في روصو في ظروف غامضة ومغادرته البلاد أو تهريبه ….. لتختفي مئات الملاين والاف الاطنان من مخزون الأسمدة، مما يهدد بنفاذ المخزون وتكرار ازمة السماد 2012 التي اثرت علي الحملة الزراعية آنذاك وهي وضعية تتكرار اليوم لتهدد مسارالحملة الخريفية الراهنة التي اطلقها رئيس الجمهورية .
وحين اضحت الامور مكشوفة فتح تحقيق في الوقت بدل الضائع وبعد ان تواري الراس المسؤول خارج البلاد…فهل سيكون هذا التحقيق جادا يطال كل الملفات :مخزون الاسمدة وفوضوية التوزيع المجاني … وكيف اصبحت وسلة للثراء السريع بدل استغلالها في الانتاج الزراعي … ملف التلاعب بالتسويق وضياع المليارات في سياسة بلا فائدة ،ملف التلاعب بمشروع دمج حملة الشهادات الذي ضاع في اوحال التضليل السياسي ،يجب اذا ان يكون تحقيقا جادا وشاملا تقديم المفسدين من المسؤولين من المزارعين من حملة الشهادات لاحصانة لاحد هكذا يكون التحقيق الشفاف …والا ذرا للرماد في العيون لتضليل الناس واشغالها عن جوهر الحقيقة باظهار تحقيق شكلي ممسرح لا اكثر ولا اقل .
يعاني القطاع مشاكل تراكمية كثيرة ،فلا تقيم لاستراتيجيتنا الزراعية لامراجعة لها … لا لشيء سوي انها بدأت كما خطط لها ناجحة مكتملة، وتلك صفة المشاريع التنموية. في وطني دائما تبدأ كبيرة لا صغيرة علي عكس التدرج الطبيعي للأشياء ثم تنهار دون تدرج لتعود وهمية ودون تحديد ومعرفة المتورطين في نهبها ،سياسة أربكت القطاع و وطعته في طريق مسدود فكان الغاء التسويق اذا خيارا حتميا لا محيد عنه ،فلا طاقة لدولة ناشئة محدودة الموارد بالاستمرار في الانفاق الهائل على مصانع تتحايل دون رأفة …. لا تريد ان تنهض، لا تدرك حدود الدعم ومدته، لا تعي ان الدول تتدخل عادة كي يستفيد المشروع من سن الحضانة والمتابعة لينمو ويتقدم، لتتفرغ لاحقا لمشاريع اخري أكثر الحاحا، لا كن ادارتنا الموقرة لم تحسن صناعة مشاريعنا التنموية، ولم تأدي حضانتها كما يجب ومن هذه الثغرة بدأ التحايل ،لقد تبنت الدولة الخطة لحاجة سياسية لا تنموية ورمت بها نحو المجهول بزوال تلك الحاجة …. او تحت ضغط ظرفية اخري لا أكثر ولا اقل .

تخلت الدولة عن التسويق ليصبح مصدر كسبنا وارزاقنا لقمة بيد الانتهازين من المصانع تحدد السعر كما تشتهي، لا خيار اليوم امام المزارع المثقل بمتاعب الحصاد سوي الرضوخ لابتزاز تلك المصانع ليبيع مرغما محصوله بسعر لا يغطي التكاليف بحدها الأدنى .
المزارع مجبر اليوم علي تقبل الامر الواقع ،لكنه ليس مرغما غدا علي مواصلة المغامرة المحسومة سلفا ضده …. لن يكون منتجا غدا ، مكرها علي ذألك ،فالمزارع ليس هيئة خيرية ويعاني الامرين في زراعة بلا بذور بلا مكننة زراعية يضيع المحصول مرتين مرة ببذور غير جيدة ومرة بانعدام الة للحصاد وقت الحصاد وأخيرا بغياب بحث زراعي قادرا علي تفسير الكوارث الطارئة للمحاصيل ،وبعد جهدا جهيد يجد المزارع محصوله عديم الفائدة لا يوفر له كسبا ،لا يعطيه دخلا أو مصدر عيش ،فاي مسوغ يسوغ استمراريته في القطاع …. ؟
من ينتج لهده المصانع غدا ….؟
من يزرع ارزا لسد الافواه الجائعة شرقا وشمالا حيث تستحيل الزراعة وحيث يصعب عموما الحصول علي الأرز التيلاندي الباهظ الثمن ، الدولة في موقف لاتحسد عليه دعمت الزراعة وانفقت المليارات لتحفيز المصانع ، رفعت الرسوم الجمركية لتحفيز الانتاج الوطني ومع ذالك منعت المواطن من الارز الاجنبي ولم تعطيه بديلا بالارز المحلي السيئ التصنيع ،واقع معقد ومخيف يواجه طبقة المزارعين الهشة علي الضفة ، يهدد المستثمرين في القطاع ، يعيد حملة الشهادات للبطالة ويلغي خطة التشغيل البديل ، يحرم ألاف العاملين البسطاء من العيش في القطاع ،يقطع دخل ماجري الأراضي الزراعية ، يدمر الاقتصاد الوطني أولا وأخيرا.
فاذا اردت ان تكون مزارعا علي الطريقة الموريتانية غير المألوفة عليك ان تمتلك ارضا ومالا كثيرا ومصنعا للتقشير وصلة بسلطة نافذة ،فلا مكان للضعفاء..
فمن يستظيع اذا ان يقول اننا على اعتاب بلوغ الاكتفاء الغذائي من مادة الأرز …………..؟

بقلم /محمد محمود ولد الناه

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى