بيـــــــــــــــــــان
في إطار سعيها الدؤوب للرفع من مستوى موظفي وعمال وزارة المالية وكذا القطاع المالي بصورة عامة، أقدمت نقابة موظفي وأطر وزارة المالية منذ تأسيسها على تنظيم العديد من الملتقيات والندوات عن الإصلاحات المالية والعقارية المفترض مباشرتها من الوزارة، مسترشدة في ذلك بما ورد في برنامج فخامة الرئيس “تعهداتي” من تثمين للموارد البشرية، حيث أكد على:
– إعادة الاعتبار للموظفين ووكلاء الدولة، عبر تطبيق مبدإ المكافأة والعقوبة، وفقا للإجراءات المنصوص عليها في اللوائح التنظيمية،
– مراجعة نظام أجور الموظفين ووكلاء الدولة لجعله أكثر تحفيزا وقدرة على المنافسة
– التركيز على تعزيز مكافحة الرشوة وهدر المال العام وسوء التسيير، وهو ما سيتجسد عبر تنفيذ الإصلاحات المتضمنة في القانون المالي المتعلق بقوانين المالية، وكذا نظام الصفقات العمومية، من منظور تحسين الرقابة على الطلبية العمومية.
كما أشفع هذا البرنامج بكلمة صاحب الفخامة إثر إشرافه المباشر على حفل تخرج دفعة 2022 من المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، والتي شملت ما يزيد على مائتي (200) وحدة من التلاميذ الموظفين لصالح القطاع المالي، لضخ دماء جديدة في الوزارة لتكريس تمهين القطاع ومده بأطر على درجة عالية من الكفاءة والنزاهة، متشبعين بروح التضحية وخدمة المواطن في إدارة فعالة وذات مصداقية.
غير أن اللافت في الموضوع هو عدم اكتراث القائمين على تسيير القطاع ومعاونيهم، أخذ هذا الكم الهائل من التوجيهات والتعليمات بعين الاعتبار، الأمر الذي زاد من تراكم الاختلالات وفاقم من تردي أحوال القطاع ومعاناة موظفيه والعاملين به، حيث غاب مسك المسار المهني للموظفين بدء بالاكتتابات، مرورا بالتقدمات والترقيات، ثم التكوين المستمر وكذا المبدأ العام للعقوبة والمكافأة،
هذا فضلا عن غياب التطبيق الواعي والصارم للنصوص الناظمة للقطاع، والذي ترك أثره البارز على تسيير الوزارة، فلم تراع جملة المراسيم؛
– المحددة لشروط تعيين المحاسبين المقصورة حصرا علي موظفي القطاع من الدرجة (أ و ب)، إذ أن ما يزيد علي 90% من الوكلاء ليسو موظفين وغير مؤهلين لمباشرة وظيفة المحاسب العمومي، كما يشير إلى ذلك المرسوم رقم 091-98، مما جعل المديرية العامة للميزانية تضطلع بدور المحاسب العمومي 《محاسب بأمر الواقع》.
– ولا المراسيم (رقم 019- 2007; 049- 2012) المحددة للنظام الخاص لأسلاك الإدارة العامة، وحصر التعيين في الموظفين المرسمين، يضاف إلى ذلك التجاوز والخرق البين للمرسوم (رقم 135-2005) المنظم لعمل المفتشية العامة للمالية،
وأخيرا تم تخطي الآجال الزمنية للدخول في تطبيق مقتضيات القانون العضوي (رقم 2018-039) المحضر لإعداد ميزانيات البرامج المحددة بالمراسيم (رقم 116-2019؛ 196-2019).
كما أن انعدام الرؤية الاستشرافية للقائمين على القطاع، والتي قد تجعل منه قطاعا رائدا للتحديث والعصرنة في البلد بشكل عام، والقطاعات الحكومية بشكل خاص علي غرار نظرائه في شبه المنطقة، جعل منه قطاعا متقوقعا، كل هم القائمين عليه تسيير الأمور الجارية، مع ما يطبعها من ترهل وسوء تدبير، أهل موظفيه الجدد أن يعيشوا بطالة مقنعة يجوبون أروقة الوزارة جيئة وذهابا، مع إسناد للمهام لغير المؤهلين لها، في تجل واضح لغياب أي معيار للتعيين في الوظائف المصونة أصلا بالقانون للموظفين والمحجوزة واقعا للمحسوبية وأخواتها…
إن بلدنا هذا لن ينعم بأي حكامة راشدة ما لم تحدث لفتة جادة ومتبصرة، لموظفي القطاع المالي (صندوق الدولة وملتقي طرق تمويل قطاعاتها ومشاريعها التنموية)، فكيف بقطاع لا يحظى أعلى متصدري سلم الدرجات فيه (المفتشون الرئيسيون، ومفتشو الخزينة “بكالوريا + سبع سنوات و أربع سنوات علي التوالي” مع تجربة عشرين سنة) بمرتب موظف يلج صاحبه الوظيفة في إحدى القطاعات الحكومية بشهادة الدروس الإعدادية أدني شهادة لدخول أسلاك الوظيفة العمومية + سنتان من التكوين)؛ وحتي إن أوكل الموظفون إلي بعض الامتيازات والتشجيعات فإنها تظل مفتقرة لأبسط معايير التوزيع العادل وفي أغلب الأحيان تستأثر بها قلة من المديرين الوافدين أو المعينين بالطرق المحظورة قانونا.
إن أغلب موظفي وعمال القطاع المتعففين، والمسؤولين بحق عن تنفيذ وتطبيق السياسات الحكومية في المجال المالي وكذا العقاري، لم يستفيدوا لحد الساعة من توزيعات القطع الأرضية التي استفاد منها نظراؤهم في نقابات قطاعات العدل والتعليم العالي، وأفراد المؤسسة العسكرية… مع أنهم الأداة والوسيلة لتنفيذ تلك التوزيعات، فهل من القدر أن يظل موظفو وعمال وزارة المالية محرومون من أبسط مقومات تحسين الظروف، وتعزيز الأوضاع المعيشية لأكثرية الموظفين المتعففين. أو ليس من المعيب أن يظل الموظفون في القطاع المالي وهم الذين أناط بهم المشرع تحصيل إيرادات الدولة في وضعية هشة أمام تغول مديري الشركات العابرة للقارات، وتطاول التجار ورجال الأعمال، فضلا عمن يسومهم سوء المعاملة من “متنفذي التسيير” حال التقيد بالنصوص الضابطة للمساطر والإجراءات، وكذا القوانين المعمول بها في العمل المحاسبي.
وأخيرا نلفت انتباه الجميع، إلى أن نقابة أطر وموظفي وزارة المالية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تصامم القائمين على تسيير القطاع لمطالبهم العادلة والمشروعة، وكذا التجاوزات المتكررة بشكل يومي، فضلا عن التجاهل المتعمد للرسائل المودعة لدي ديوان الوزير على التوالي (رقم 00021-2022; و رقم 0003-2023).
وستستخدم في ذلك كل الوسائل والطرق التي تكفلها قوانين البلد.
عن المكتب التنفيذي
الرئــــــــــــــيس