تحت شعار “بذل السلام للعالم”. انطلقت صباح اليوم الثلاثاء بقصر الؤتمرات “المرابطون” بالعاصمة نواكشوط فعاليات، النسخة الثانية من المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، تحت إشراف الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني. وذلك بمشاركة عدد من العلماء والمفكرين وكذا ممثلين عن بعض الحكومات العربية والإسلامية. المؤتمر الذي يتواصل على مدى ثلاثة أيام يتضمن جملة من العروض والمداخلات، تشمل الوضعية الراهنة للمنطقة والمقاربات، وتفكيك الخطاب المتطرف وتصحيح المفاهيم الشرعية، وإفريقيا قارة المستقبل، والتراث الإفريقي رافد السلم، والمرأة والشباب الإفريقي رهان السلم وتحديات التنمية، والهجرة غير الشرعية مأساة متكررة ومقاربات إنسانية.
هذا وقد ألقى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني خطابا في المؤتمر هذا نصها: “بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، معالي الوزير الأول، السيد رئيس المجلس الدستوري، السيد زعيم المعارضة، السادة الوزراء، سماحة العلامة عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، أصحاب السعادة السفراء، وممثلو البعثات الدبلوماسية، السادة والسيدات ممثلو المنظمات الدولية المعتمدون في بلادنا، أصحاب السماحة العلماء المشاركون في المؤتمر، أيها الحضور الكريم، يطيب لي ابتداء أن أرحب بأصحاب السماحة العلماء وبكافة ضيوفنا الكرام على أرض الجمهورية الإسلامية الموريتانية التي ظلت على مر العصور وجهة للعلماء والباحثين من شتى أنحاء العالم وفضاء تنوع ثقافي فريد، ومصدر إشعاع حضاري واسع انتشرت بفضله تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وقيمه الخالدة من تسامح وإخاء ووسطية في ربوع هذه المنطقة. كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى صاحب السماحة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، على تنظيم هذه النسخة الثانية من المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، وكذلك على ما دأب عليه سماحته من تكريس علمه ودقيق فهمه لكبريات قضايا العصر وما تنطوي عليه من تحديات جسيمة لترسيخ السلام والمودة والإخاء بين شعوب العالم. وغني عن البيان اليوم، أن التطرف وما ينشأ عنه من عنف وإرهاب يحصد أرواح الأبرياء ويلحق بالغ الضرر باقتصاديات العديد من البلدان وبأمنها واستقرارها، يشكل اليوم، خاصة في قارتنا الإفريقية، خطرا محدقا يهدد كيانات الدول ويسد كل آفاق الاستقرار والتنمية. ونظرا لتعقد ظاهرة التطرف والإرهاب بحكم تشابك عواملها المتعددة، فقد تبنت الجمهورية الإسلامية الموريتانية، في مواجهتها استراتيجية مندمجة ومتكاملة لم تقتصر على البعد العسكري والتنموي فقط، بل شملت كذلك بعدا فكريا هو محور أساسي في بنيتها العامة، إذ التطرف في الأفكار هو غالبا منشأ التطرف والعنف في الأفعال، فالفكر المتطرف يجد في هشاشة الأوضاع الاجتماعية والظلم والفقر والجهل والبطالة، بيئة مواتية للنمو والانتشار في الجسم الاجتماعي خاصة في فئة الشباب ليتحول على إثر ذلك إلى عنف إرهابي فعلي هادم وفتاك. صحيح أن الانتصار على الإرهاب يستلزم ضرورة كسر شوكته العسكرية وكذلك حرمانه من بيئة مواتية بالعمل على مكافحة الجهل والبطالة والفقر وعلى إقامة دولة قانون راسخة الأساس وبناء تنمية شاملة مستديمة، ولكنه يتطلب كذلك في المرتبة الأولى، العمل على تنقية العقول من بذور التطرف الفكري بإشاعة ثقافة السلام والمحبة والإخاء وبنشر قيم الدين الإسلامي الحنيف من تسامح ووسطية وإخاء والذب عنها في وجه قراءات منحرفة وتأويلات منحرفة. وإن مما يعول عليه كثيرا بعد الله تبارك وتعالى في ذلك كله، مؤتمركم هذا الذي نشرف اليوم على افتتاح نسخته الثانية، وإننا على يقين بأن ما سيتمخض عنه من خطط عمل واستراتيجيات وتوصيات مستنيرة وما سينشأ عن صداه من مبادرات نظيرة في إفريقيا والعالم عموما، سيسهم بحول الله وقوته في بذل السلام للعالم وإشاعة روح التسامح والانفتاح على نحو تجف فيه منابع العنف والتطرف. وإنني إذ أعلن على بركة الله افتتاح النسخة الثانية من المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم تحت شعار: بذل السلام للعالم، لأرجو لأعمالها كل النجاح والتوفيق. أشكركم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.