تجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد مليونين وثلاث مائة ألف حالة مُؤَكدَة في جل بلدان العالم. وتُظهر أحدث الأرقام الرسمية، التي رصدتها جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، أنه تم الكشف عن إصابات بالوباء في 180 دولة وإقليم على الأقل، مع تفاوت في عدد الإصابات المعلنة بين بلدان وأخرى. في حين ما تزال بعض البلدان والأقاليم تؤكد عدم وجود أي إصابات داخلها، وهي بلدان تقع أساسا في آسيا، ويتعلق الأمر بكوريا الشمالية وطاجيكستان وتركمانستان. وهو -في إفريقيا -حال ليسوتو وجزر القمر، بالإضافة إلى جزر صغيرة في المحيط الهادئ مثل تونغا، ساموا، سولومون، مارشال، ميكرونيزيا، بالاو وتوفالو.
ورغم الاعتماد على المعطيات الرسمية لتحديد مستوى انتشار الوباء سواء عالميا أو على صعيد كل دولة على حدة، فإن تلك المعطيات يجب أن تؤخذ بحذر شديد إذ أن اكتشاف والإعلان عن حالات الإصابة مرتبط بالعديد من الأمور ولا يتم بشكل تلقائي.
فمن الإشكاليات الأساسية المرتبطة باكتشاف حالات الإصابة، نجد توفر الإمكانيات للقيام بالاختبارات والتحاليل الطبية. وهو إشكال تعاني منه دول فقيرة وأخرى تعيش حالة نزاعات وحروب مما أدى إلى انهيار أو شبه انهيار في منظومتها الصحية، كما هو الشأن عليه في ليبيا. ويقول برتراند بادي، الأستاذ الجامعي المتخصص في العلاقات الدولية بفرنسا إن عددا من البلدان، وخاصة في إفريقيا، تعلن عن غير قصد عن أعداد إصابة قد لا تعكس حقيقة الواقع، وذلك لكونها لا تتوفر على إمكانيات لإجراء التحاليل، حيث لا تجري إلا اختبارات قليلة.
ويرجح المراقبون، أيضا، أن عددا من الدول ذات النظام الاستبدادي أو المتشدد، تعمد إلى إخفاء حقيقة انتشار الوباء داخلها. ويعطي الخبراء المثال أساسا بكوريا الشمالية التي تعيش تحت نظام يوصف ب”المستبد”. فبينما ظهر داء كوفيد 19 في الجارة الصين وأصاب أكثر من ثمانين ألف شخص، وأيضا في الجارة كوريا الجنوبية حيث أصاب أكثر من عشرة آلاف شخص، فإن كوريا الشمالية، التي يقدر عدد سكانها بحوالي 25 مليون نسمة، ما تزال تصر على عدم وجود حالات الإصابة داخلها، بينما قالت منظمة الصحة العالمية إنها تشتبه في وجود حالات إصابة في هذا البلد الذي فرض حجرا صحيا على أكثر من عشرة آلاف شخص.
وحظرت تركمانستان، التي توصف بأحد” أشد الأنظمة القمعية” في العالم، استخدام كلمة فيروس كورونا على سكانها، مما يكشف عن الطابع السياسي للتعامل مع هذا الوباء الصحي.
والملاحظ أن منظمة الصحة العالمية أعلنت يوم 19 أبريل –نيسان 2020 أن “موريتانيا” سجلت 7 حالات إصابة فقط بالفيروس منها واحدة انتهت بوفاة صاحبها. وأكدت المنظمة الدولية أن موريتانيا أصبحت أول دولة أفريقية تتخلص من فيروس”كورونا” المستجد رسميا.
من جهة أخرى تفيد منظمة الصحة العالمية أن سبعا من بين الدول العشر الأقل جلبا للسياح في العالم، تخلصت من حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وأغلبها جزر صغيرة معزولة بحكم موقعها الجغرافي وعدد سكانها المحدود، ما سهل تطبيق مبادئ التباعد الاجتماعي والسلامة. ففي جزيرة ناورو الواقعة في المحيط الهادئ، يمثل فيروس كورونا المستجد حالة طوارئ قومية. وتعد جزيرة ناورو ثاني أصغر دولة عضو في الأمم المتحدة من حيث المساحة بعد موناكو، والثانية من حيث عدد السكان بعد توفالو، حيث يزيد عدد سكانها قليلا عن 10 آلاف نسمة. نفس الأمر في جزيرة توفالو بالمحيط الهادئ، وهي مجموعة جزر ذات تعداد سكاني صغير. فرغم أن توفالو تعد وجهة سياحية إلا أن قيود السفر التي تبنتها حالت دون توافد حالات الإصابة عليها. وهو إجراء خفف أيضا من حالات الإصابة في العديد من البلدان ذات الجالية المقيمة في الخارج والتي تعد أيضا بلدانا سياحية بامتياز، لكنها وبفضل اتخاذها إجراءات استباقية عبر إغلاق حدودها أمام الوافدين، تمكنت من التخفيف من مخاطر انتشار العدوى بشكل كبير.