أخبار عاجلة

الفقيه ولد الزين :حوادث السير بين القتل العمد والقدر المقدور

7 أغسطس,2018 - 20:33

322    يقع الخلط عند الموريتانيين بين إيمانهم بالقدر و ما يقع هذه الأيام من استهتار بأرواح البشر وقتل الأنفس البريئة بغير حق شرعي .

فقد شنع الإسلام فى أكثر من آية على قاتل النفس البريئة قال تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ).

وقال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا)

هذا التشنيع والوعيد لا يتناقض مع الإيمان بأن هذه الموتة مقدرة فى الازل لا تقديم فيها ولا تاخير قال تعالى {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ …).

ان الخلط الحاصل عند الاكثرية جعل النفس البشرية المؤمنة رخيصة إلى حد ان قتلها وتعرضها للتهلكة ليس الا قدرا مقدورا.

إن الإيمان بالقدر ليس هكذا هكذا إنه أخذ بالأسباب واخذ بالحزم وبعد عن التعرض للتهلكة و الأخطار .

ان يسير الراكب بسرعة مفرطة فى مفاويز غير معبدة تسابقه عربات تحمل اثقالا فوق اثقالها ليس من الايمان فى شيئ بل هو قتل ومحاولة قتل للنفس

وقد قال تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيما)

لا شك أن تعبيد الطرق مسؤولية الدولة، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه “لو عثرت بغلة في سواد العراق لظننتني مسؤولا عنها” فما بال هذه الأنفس الزكية التي تتساقط كل يوم على جنبات الطرق؟

إنه من واجب الجميع، كل من موقعه الحد من ظاهرة القتل هذهن وقد قال تعالى:(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان).

وقد يكون من سبل ذلك مضاعفة مبلغ الدية وتوسعة الطرق والحبس الطويل للمتهاونين وتغريم اصحاب العربات الكبيرة وإقالة كل مسؤول بل حبسه وتغريمه ان ثبتت خيانته فى صيانة الطرق وأمنها مهما علا فى سلم الوظيفة اذ النفس البشرية اشد حرمة عند الله من الكعبة والبيت العتيق.

 

والخلاصة أن حوادث السير فيها شبه من قتل العمد وفيها شبه من قتل الخطأ، والأولى إدخاله ضمن القتل شبه العمد عند الشافعية وهو ما تكون الدية فيه مغلظة وهذا ما تقتضيه مقاصد الشريعة وصيانتها للدماء.بل إنه يمكن ان يدخل ضمن قتل الغيلة وهو ما تقتل فيه الجماعة بالواحد اذا تواصوا على قتله، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لو اجتمع أهل صنعاء على قتل رجل منهم لقتلتهم به أو كما قال صلى الله عليه وسلم)، وإذا صح هذا التكييف ربما أفتى مفت بجواز قتل المسؤول الذي ثبتت سرقته لمال صيانة الطرق أو تعبيدها، والمسؤول الذي أعطى رخصة سياقة لمن لا يستحقها، أو السائق الذي يسير بسرعة أكثر من المعتاد.

والله أعلم

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى