لم أرد، ولم أفكر يوما في نشر ماكتبته في مذكراتي التي كتبتها تحت عنوان: مذكرات رقيب٠٠ لكن ضغطا مورس علي من قبل قراء متابعين للحوادث،جعلني استسلم مكرها على نشر ما تيسر من هذه المذكرات، وأبدأ بهذه القصة التي قد يشعر البعض من شدة هول الخوف الذي سيحسه من ما تحمله هذه القصة من رعب، حيث سيحتسب أنها مجرد قصة من وحي مخيلة قاص يريد من خلالها استدراج القارئ الى أن يقرأله٠٠وسيعجز عن ازدراد أن ينتمي مثل هكذا قصص إلى الواقع، خاصة إذا كان في مجتمع كان ومايزال اعتقاده بالدين الذي يمنع مثل هذه الإعمال التي تحمل في طياتها نبرة الكره والموت٠
مريض نفسي يثير ألخوف والرعب في العاصمة نواكشوط
في منتصف سنة ٢٠٠٤ ضج شارع العمود السادس بعرفات، وتقاطر المارة وسكّان الحي على حمار يكابد الموت وقد طعن بآلة حادة في منطقة بين الصدر والبطن، سقط إثرها يخور بين الحياة والموت٠٠ ارتبك الجمهور في استغراب واستنكار لماتعرض له الحمار، بعد أن انفضت الجماهير مات الحمار وجره مالك إلى مكب خارج الحي٠٠ ولكن الحديث زاد عن ظهورعصابة تستهدف الحمير، وذلك عندما شاع في اليوم الموالي عن العثور على حمار مقتول بنفس الطريقة التي مات بها الحمار في عرفات، وذلك في الحي رقم ستة عشر بمقاطعة دار النعيم٠٠وارتبط الحادث الجديد بالحادثة الذي سبقه ٠٠وبدأ الشارع يلوك الحادثتين ويصنع منهماحدثا مثيرا للرعب من خلال القصص التي نسجها الرواة، وارتفعت وتيرة الموضوع في أحاديث الركاب في سيارة الأجرة والصالونات٠
وتطور الحديث في الموضوع أكثرعندما عثر على حادثة مشابهة للحادثتين السابقتين، حيث تم العثور على حمار تم قتله ببشاعة مرعبة في حي القطاع الرابع من عرفات٠٠ وحضر معاينة الحمار وهو يكابد الموت حاكم المقاطعة ومفوض الشرطة فيها، واستدعي ممثل من إدارة البيطرة في وزارة البيئة، وبعد لاطلاع على الموضوع وتوثيق الجريمة، غادر الجميع مصرح الحادثة، وفِي نفس كل واحد يتحرك هاجس من رعب المشهد، أرسل الحاكم للوالي تقريرا بالموضوع والمفوض تقريرا الى المدير العام، وفِي كلا التقريرين أن الفاعل مجهول، وصور كل من الحاكم والمفوض الحادثة في تقريره على أنها خارجة عن الطور الانساني، وأن الكشف عن مقترفيها ضرب من المستحيل٠
والذي عقد الموضوع وزاد من رهبته مازاد به الشارع من أن الحوادث وراءها عصابة تستهدف الحمير لبيع لحومها٠٠ ثم قال آخرون إن من وراء الحوادث عصابة تستأصل قلوب الحمير لاستغلالها في أعمال السحر٠٠ وانتشر الكثير من الشائعات حول حوادث قتل الحمير، بعض هذه الشائعات يُتهم عصابة مجهولة عناصرها أجانب،
حادثة قتل الحمير أثرت على جانب مهم ترتكز عليه الحياة، هذا الجانب هو سوق بيع لحم الحيوان الكبير مثل البقر والإبل الذي توقفت الحركة فيه، بسبب شائعة أن قتل الحمير وراءه عصابة تبيع لحومها في السوق، وتضرر الجزارة ضررا كبيرا حتى أن بعضهم أصيب بالإفلاس إثر هذه الشائعة٠
كما أثر انتشار الشائعة على المواطن حيث جعلته يعيش حالة من الرعب والخوف خلقت له كابوسا لايدرك كنهه، فقد خلقت الحادثة في نفس المواطن كابوسا من الأشباح تتربص بعيشه، وحول بيته، وتستهدفه٠
وتتابعت حوادث قتل الحمير حيث وصل عددالحمير الذين قتلوا تسعة في غضون سبعة أيام، ثمانية في عرفات وواحد في دار النعيم – حسب الشائعة-وانصابت الإدارة في المقاطعة بالقلق من ارتفاع وتيرة قتل الحمير ، كما ارتبكت الأجهزة الأمنية من الحوادث، مما دفعها الى توجيه قدراتها على جميع الأصعدة الأمنية للبحث في الموضوع،فنشرت دوريات تنشط في عرفات ودار النعيم للتمشيط عن الأيادي المجهولة التي تتكهن أنها وراء الحوادث٠
لكن أمر الجريمة ضد الحيوان الأليف الذي يعرف بالحماراستفحل وانتشر أكثر من ذي قبل٠بل اشتد الرعب والخوف في صفوف الأمن أكثر من المواطن٠٠ وكان سبب الخوف الذي تسلل إلى الأمنيين استهداف – المجهول ، أو المجهولين- مناطق تنشط فيها حركة الأمن، ويغربلها- الأمن- بين الفينة والفينة بدوريات خلال الليل، ومع ذلك لم يصطدموا به٠وأخذت الأحداث شكلا آخر بسبب مااضطرت الشرطة أن تبرر به فشلها في القبض على المجرم٠فقد نشرت الشرطة من بين ماتسرب عنها من معلومات أن الأحداث ليس وراءها إنس٠٠ وبررت الرواية – الصادرة عنها- أنه من عمل الجن، مبررة ذلك بمجموعة من المبررات منها:
أن المجرم لاينفذ جريمته إلا في وقت يكون الإنسان فيه قد هجع الى النوم الثقيل ، أو ترك فراشه الى الصلاة، ذلك لأن الجريمة لاتنفذ إلا في وقت مابين أذان الفجر وصلاته٠
والمجرم لايستهدف إلا الحمير ، والحمير في المخيلة الجمعية للمجتمع الموريتاني لديهم علاقة وثيقة بالشياطين، وهؤلاء الشياطين ربما كانوا على خلاف مع الحمير،ولديهم معهم تصفية حساب٠
ومن المبررات التي تتحجج بها هؤلاء ، والتي تبرر في نظرهم أن يكون الفاعل ليس من الانس، ويقدر أن يكون من الجن، تحديد الفاعل منطقة محددة لطعن النافذ على الحمير، وهي منطقة فتحة الصدر من فوق البطن، وهذا تأكد من خلال المشاهدة لجميع الحوادث٠٠٠٠٠يتواصل