فى 13 مارس من العام 44 قبل الميلاد، طعن عضوً مجلس الشيوخ الروماني ((ماركوس جينيوس بروتوس)) الإمبراطورَ الروماني ((غايوس يوليوس قيصر)) وكان أقربَ الناس إليه، بل إن بعض الروايات تقول إن الطاعن كان ابنَ المطعون.
وفى 17 مارس من العام 2017 رفض مجلس الشيوخ الموريتاني مشروع تعديلات دستورية تقدم بها الإمبراطور “غايوس يوليوس عزيز”، فكتب ” محمد سعد إسحاق سيد ألمين الكنتي”، وهو مستشار سابق للإمبراطور عزيز، تدوينة تحت عنوان : ” حتى أنت يا بروتوس”.
” بروتوس الموريتاني” – من منظور الكنتي- قد يكون رئيسَ مجلس الشيوخ، وقد يكون 33 عضوا فى المجلس يتهمهم المستشار السابق بطعن إمبراطوره، فى إسقاط تاريخي مجتزأ ، لأن المستشار – عن قصد- أهمل دوافع “بروتوس الروماني ” حين قال له القيصر: ” حتى أنت يابروتوس؟!، فأجابه – دون تردد: ” نعم يا قيصر، سأقتلك لا قلة حبِّ مني لك، بل لأنني أحب روما أكثر”.
تنبأُ الكنتي باغتيال الإمبراطور عزيز تعبير عن حالة من اليأس تنتاب من هم على شاكلة المستشار الذي كان قد كتب فى تدوينة بتاريخ 22 فبراير 2017 تحت عنوان((يوم تاريخي)) : “…اليوم يخلد النواب والشيوخ اسماءهم بأحرف من ذهب فى الذاكرة الجمعية الوطنية بمصادقتهم على التعديلات الدستورية التي تعلن ميلاد الجمهورية الثالثة…”.
بعد هذه التدوينة بثلاثة أسابيع، ودون أن يندى له جبين ، كتب نفس المستشار السابق للإمبراطور المطعون : ” …لم يكن مجلس الشيوخ معبرا عن إرادة الشعب…وظل دوره هامشيا إلى جانب الإمبراطور”.
فلماذا هذا الإصرار من الكنتي على أن تكون نهاية عزيز مشابهة لنهاية غايوس يوليوس قيصر الدموية؟
من المثبت تاريخيا أن بدايات حكم قيصر لم تكن سيئة، لكنه انحرف إلى الدكتاتورية و الغطرسة، فنفى معارضيه خارج روما، ورفض دعوات الإصلاح، وأصم أذنيه عن نصائح مقربيه – ومنهم بعض أفراد عائلته و بروتوس- وظل يردد : (( لا تحاولوا التأثير عليَّ، مستحيل أن أتزحزح كما تستحيل زحزحة جيل أوليمبيوس)).
كل هذه التفاصيل تركها المستشار الكنتي جانبا لأنها مزعجة، وانبرى – كعادته- يفصل التاريخ على مقاس تودده للإمبراطور عزيز.
ألم يكتب فى تدوينة بتاريخ 10 مارس 2016 تحت عنوان : (( التقاء العظام فى خطاب بالنعمة : طارق بن زياد..ديغول..عبد الناصر ..وعزيز)): “…حين سقطت فرنسا تحت الإحتلال النازي، استسلم الشعب لحكومة فيشي حتى سمع خطاب المقدم ديغول عبر إذاعة لندن يحرض على المقاومة ويعد بالنصر فألهب فيه الحماس وانطلقت المقاومة المسلحة التي ساهمت فى تحرير فرنسا وإقامة الجمهورية الخامسة…”.
أما كان حريا بالمستشار السابق ، وهو يقارن إمبراطوره عزيز بالجنرال العتيد، أن يمتلك اليوم شجاعة التذكير بأن ديغول استقال غداة خسارته فى استفتاء حول مشروع قانون يتعلق بإنشاء الولايات وتحديث مجلس الشيوخ.
لقد قرر المستشار أن يلوي عنق المنطق والتاريخ ، فهو يؤمن بديغول داعية للمقاومة المسلحة، ويكفر به ديمقراطيا محترما لإرادة شعبه.
وعلى كل، فالمستشار الكنتي سليل بيت كرامات و صلاح، والبلاء موكل بالمنطق.
من صفحة الكاتب والصحفي باباه سيدي عبد الله على الفيس بوك