حبست أنفاسي خوفا من تهويل مستقبل ، موريتانيا، وانا اقرأ مقال الدكتور الشيخ المختار ولد حرمة ولد ببانه تحت عنوان ” البيظان ..ومشكل الصحراء”. ولا يفوتني هنا ان أسجل اني أعرف من هو هذا الكاتب في مجتمعنا وتاريخنا ..
لقد افزعني وراعني ان الشيخ حرمة يريد أن يدلّ القاعدة و”داعش “وعصابات الإرهاب وكل أصحاب النوايا السيّئة عبر العالم علي أمر فظيع ومريع ، لا يعرفونه ولم يخطر لهم علي بال : وهو أن موريتانيا علي حافة الإنهيّار و الهاوية ،لا تملك أية مقوّمات للبقاء ، تنهشها العوارض يمينا ويسارا، كلما أخطأتها هذه نهشتها تلك ، وما علي ” الارهابيين” الي النّزول الي الصّحراء الموريتانية المتراميّة الأطراف ،وبلاد السّيبة القديمة والجديدة حيث حكومة تحاور الاجنبي في شأن موّاطنيها، وشعب غير موحد متناحر الاعراق . انهم ستملكون منفذا علي المحيط الاطلسي حيث لا بد لهم منه ، حسب تعبير المقال، والأكيد في نطر الشيخ ولد حرمة ان العراق والشام ليستا اضعف من موريتانيا لو حصلت الارادة الكافية لدي الدواعش ورعاة الارهاب لوجدت لهم الدولة الموعودة في مجابات الصحراء الموريتانية الكبرى… لا قدر الله .!
ان العالم الافتراضي وإن كان أخرج الطبيب الدّكتور الشيخ من تحت يافطة النظام الموريتاني القائم الآن وأسقط عنه مسؤولية الرّحمة بوحدة الموريتانيين الوطنية ولمّ شملهم ورفع معنوياتهم أمام جيرانهم من العرب والافارقة ، وجعلهم علي شفي الهاوية وتحت أشعة التفرقة في نظر الدكتور بدون عباءة بيضاء :(بيظان ،وحراطين ومعلمين ، وزنوج بشرائح مختلفة والجميع )…بحسب تشخيصات أشعة الدكتور حرمة ،موريتانيا تساوي لوحته قاتمة علي شفي الهاويّة والحرب الاهليّة ليرسل رسالة الي من يهمّهم الامر، ودخول التاريخ والتحرش باللحظات من قادة العسكر .
قد نتذكر الشيخ حرمة في مقدمة الصّف خلف رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد عبد العزيز متّفقا معه في الرّؤية والطّرح وافقا يوم أن دكّ علي الارهابين معاقلهم دكّا ، في عمق التراب المالي .
وكان ولد حرمة حينها مدافعا، وحارسا للنظام ، ومهاجما لمرمي المعارضة ،والتي قالت يومها ـ عن العمليات النوعية التي قام بها الجيش الموريتاني ـ انها حرب بالوكالة عن اربا او فرنسا.
و اليوم ، نسي الشيخ حرمة او تناسي إن قراءة التاريخ قبل النظر في الجغرافيا وليس العكس كما ورد في مقاله . ان العالم الافتراضي حفظ لنا تناقضات الدّكتور وأوراقه ودفاتره وأقلامه وما يسطرون عنا وعن غيرنا من مقالات لم يعد بإمكانه سحبها ولا التكذيب عنها . بما يجعل من السهل الممتنع لمتتبّعها ، الجزم بان صاحب هذه المقالات والكتابات كلّها قد أصيب بفقدان الذاكرة ،أو بالزهايمر ..!
وقد لا تنسي صورة الشيخ ولد حرمه يترجل في دراعته البيضاء يسحبها علي البلاط مع رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في أروقة قصر المؤتمرات في ذلك المساء المشهود قبيل انتخابات نفمبر2013.
لقد حكي سر القصة كاملا بعد ذلك ، وعلي رؤوس الاشهاد : علي الشاشة الصغيرة وقال: أنه كان يريد ان يترشح نائبا في البرلمان ولسبب أو لأخر لم يقبل ترشحه. مبرئا رئيس حزب الاتحاد من اجل الجمهورية آنذاك السيد محمد محمود ولد محمد الامين من مسؤولية عدم قبول الملف ، متهما الرئيس عزيز بعدم ترشيحه في لوائح الحزب الحاكم، الأمر الذي جعله يرحل عن الاغلبية.
ثم يحزم أمتعته في رحله التيه، وحرق المراكب، وقتل الأحصنة ،حيث سنغوص في جزء يسر من دهاليز الرحلة بلا راحلة ، والمحفورة في ذاكرتنا الجمعيّة من تاريخنا القريب والذي يمكن ان يلاحظه ويشهد علي عصره المتناقض أطفالنا في الربيع الثاني عشر.
انه يريد ان يحقن الخيول لبلاستيكية حتي تنتج تاريخا في نظره كما حقنت المعارضة الخيول الخشبية ، حتي تكون له دورة في التاريخ توافق هواه وطموحه السيّاسي، حيث باغتته البطاقة الحمراء من ملاعب الأغلبية بينما كان لعبه خشنا ضدّ المنسقيّة .
لقد بادر الي الترويح عن نفسه لكتابة المقالات التي اصبحت مصدرا من مصادر الخجل ، لتناقضها وارتباطها بالّحظات التي أنتجتها ، والمختومة بغمُوض وغمُوس الاعتزال السيّاسي؟! اذا لم نقل الاحتيال علي السياسية من جهة القلم .
فحتي فرعون لعنه الله ..كان يعني ما يقول. عندما قال لقومه” ما اريكم الي ما أري” فلم يتناقض في رؤيته لسبيل الرّشاد. وقد ورد في حديث شريف عن اختلاف القول والعمل ـ ما معناه ـ أنه يأتي بالرجل يوم القيامة ، فيلقي في النار فتندلق اقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرّحي فيجتمع عليه اهل النّار فيقولون له يا فلان : الم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول بلى (كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه..؟! وانهاكم عن المنكر وآتيه )ـ .
جميعنا نملك الحق في ان نتّفق او نختلف في الرّؤي ،لكن علينا ان نكون صادقين فيما نخبر به قومنا ولا نخدعهم ..فنري بعيون متناقضة ومتباينة فتارة نري بأشعة بيضاء وتارة بأشعة سوداء..! وهنا لنتفق مع الدكتور الشيخ ولد حرمة ثم نختف معه ثم نتساءل معه الي القارئ الكريم ..؟وهو الحكم في نهاية الامر.
اولا الاتفاق ــ انني اتفق مع الدكتور الشيخ إن يد الفوضى لا تصلح أبدا ولو كانت يد طبيب..! وان الشرارة..! لا تطفئ النار ولو كانت نار الثورة . وان المخالب ..لا تداوي الجراح ولو كانت جراح بالقلم وسطور خالدة ..! وان الشوك لا يتحول أبدا إلى ورود ..وحتي لو كان في صف الموالاة .. وان الشيطان حتما لا يقود قاطرة الإصلاح ولو عاش مع الملائكة والقدسين وخاطب بلغة قرآنية.
ثانيا الاختلاف ــ انني اختلف مع الدكتورالسيخ ولد حرمه ولد ببانه في : ان الحيّة قــد تلد فأرا ؟ وان الحب قد يتحول الي كره ؟ وان الصّداقة قد تمتهي الي عداء ..؟ وان الجهر بالسوء من القول..! قد يأتي من من نهي عنه.
ثالثا ــ اتساءل مع الدكتور.. هل يمكن ان يكون الطبيب مصدرا من مصادر الداء لبلده علي الاقل ؟ وهل يمكن ان تتحول النحلة الي ذبابة قد وقعت المحاسن ثم وقعت علي الجروح والمساوئ وهل يمكن لفم او قلم شكر ان يعيب؟ ويغتاب لحم وظنه ؟ وسلطانه وصاحب بيعة في عنقه. ..
وهل يمكن لمن قال.: “رئيس الشعب الموريتاني” بأفعاله واقواله . . ” رئيس محاربة التطبيع مع اسرائيل وطرد اليهود الغاصبين ”
و” رئيس الفقراء…! حيث تعهد امام الله ان لا يخب امالهم ، حيث قسم مئاة الاف القطع الارضية عليهم هل يكن لمن قال ” رئيس الإسلام والمسلمين أولا و أخيرا”.! ان يقول :
المسار الحانوتي ..؟
عسكري من الدائرة الخلفية.
صاحب سوابق ولواحق. لم يكن حينا من الدهر شيئا مذكورا ، قادم من ظلام بيع الناس نميمة للقمع والإفقار…
نعلم وندرس أطفالنا في الصف الخامس الابتدائي فنقول:
يا ايها الرجل المعلم غيره +هلا لنفسك كان ذا التعليـم
إبدأ بنفسك وانهها عن غيّها + فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله +عار عليك اذا فعلت عظيم!
وأستسمح القارء الكريم تعليقا علي هذه الفقرة التي وردت في مقال “البيظان ومشكل الصحراء” تقول الفقرة: (في هذه اللحظة يمكن لأية أسرة من أية شريحة كانت أن تشعل نار الحرب الأهلية في موريتانيا ، وستكون الأسوأ في تاريخ المنطقة كلها، وسوف تجد القاعدة و”داعش” واقتصاد عصابات التهريب أفضل ملاذ آمن في الساحل حيث يمكنها منه إيذاء أمريكا وأوروبا ، أحرى الدول المجاورة.
إن الإرهاب ينتقل بسرعة بين دول الساحل، من شمال مالي إلى ليبيا، ولعل الصحراء الموريتانية أكثر إغراء ، لأن “دواعش” الإرهاب لا بد أن يمتلكوا موطئ قدم على الأطلسي، وهذا سهل قياسا لدولة الخلافة التي أعلنوها في العراق والشام ) انتهي الاستشهاد…!ان جواب هذه الفقرة يأتي مختصرا في ثلانة ابيات من الشعر الحساني عن الحرب هي:
الشَــــــــــر ْجَ مـــا بــــه أحن+وليـْــــنْ جَ بيـــــــه أفرحْن
مــــا قــط عـــــــن ســــيّحْن=الا قطْ عن فَرْكــــــــــــين
فالخيْــر تورَ راحتـــــــــــــن_+افشّـــرْ يدفّ بيـــــــــــــــن
يقول الدكتور في مقاله المثير (إذا تفاقمت الصراعات داخل المجتمع فانظر إلى الجغرافيا قبل أن تعيد قراءة التاريخ) . والحمد لله ان الصراعات ، لم تحدث حتي تتفاقم ، ولم تولد حتي تموت ..!
فالذي يحدث هو فضاء الحرية الواسع الذي فتحه الرئيس محمد ولد عبد العزيز لينعم به كل موريتاني مهما كان توجهه السياسي .أضف علي ذلك متسع من النخوة والإباء والصبر علي تحمل الطعنات من مختلف الجهات حتي من الخلف ومن الاصدقاء أحيانا .فالكيان الوطني الموريتاني لم ولن يعد أرضا للخلاف العرقي كما يدّعي ولد حرمة ، ولا ما تري اشعة في ضباب المستقبل ، ولكنها أرض الاختلاف في النظر، والذي لا يفسد للوّد قضيّة . وكذا التنوع المثمر والمفيد، حيث نضجت ثمرة القيم والكيان الكبير الحاضن لتتحول موريتانيا إلى دولة رائدة في شبه المنطقة تحمل مقاربات أمنية واقتصادية مشهودة. لكن السنة حداد أشحة جرحت وسلقت موريتانيا عبر تاريخها و ونالت منها ، شعبا، وحكومة ، ورئيسا. وقد تحسد موريتانيا علي ما تحسد عليه امم كثيرة .. اولا ــ علي امنها واستقرارها وعلي مساحتها الشاسعة والواعدة والتي تساوي مساحة اكبر دولتين عظميين في اروبا مجتمعتين كفرنسا وبريطانيا وثانيا ــ علي نجاحات قواتها الباسلة ووحدة اراضيها . وثالثا ــ علي صمودها امام العواصف الدولية . ورابعا ــ علي مؤشرات النمو لديها . وخمسا ــ علي خطواتها الثابتة والمتمكنة نحو مصاف الامم ….الخ غير ان اللافت هنا ان يكون من يرسم اللوحات القاتمة لمصير “البيظان” والدولة الموريتانية هو الشيخ ولد حرمة.. بان تشكل الدولة الخديج كما احب ان يسمها ، ولم يتحقق من وسم معالم الطريق المؤدية الي مجد مفقود ، ولا ملامح ما يريد بالضبط ، فبادر إلي الكتابة ورسم فيها لوحات بجراح غائرة في جسم الأمة، وكل منغّصاتها وأختار لها اللون الأسود، ،والأحمر المقزز.
ولم يدخلها أية الوان أخري قد تكون سفيرة للأمل في مستقبل امته الذي يراه بائسا ومريعا كل ذلك لهثا وجريا بهوس عميق تخطي مرحلة الاحساس لديه في عشق “السياسة” والاحلام فيها حيث رضع حبها واشرب من هواها حتي لامست قلبه .
ففي معني الاثر النبوي الشريف (إن الفتن تعرض علي القلوب كالحصير عودا، عودا ، فأيما قلب أنكرها نكتت فيه نكتت بيضاء وأيما قلب اشربها نكتت فيه نكتت سوداء حتي تصير علي قلبين : علي قلب أبيض كالصفي لا تضره فتنه مادامت السموات والأرض، وعلي قلب أسود كالكوز مجخيّا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا الي ما أشرب من هواه. ) معني الاثر وروي الاثر في بعض الصّحاح.
ليس لك من الامر شيئ قارئي الكريم ..! سوي ان تتيه معنا في مقالات طويلة كانت حادة ومؤثرة في بعض الاحيان .
وسر تأثيرها من منطلق الاثارة من مواقف ، السياسي المترنح للحظة عضب عارمة..! سلمته لقلم جامح، فسلمه القلم للعالم الافتراضي حيث خلّد تناقضه واحترقت صورته . فالدكتور الشيخ حرمه ، قد حفظت وكتبت آثاره وما قدم في تجربته الثرية ،والثرية جدا والتي تفوح منها رائحة اليأس من المستقبل. من خلال مواقفه وتصريحاته التي مازالت ترن في اذان الكثير من االمتابعين للرجل . شيوخا عرفوه طفلا تحت خيمة المجد والتمثيل في عاصمة الانوار “باريز”. واخرين دون ذلك في بادية “الركيز”.وقروءَا بين ذلك كثيرا واخرين من دون ذلك عرفوه وزيرا للصحة.
وحتي اطفالنا الذين شهدوا عليه في الأمس القريب علي الشاشات الوطنية يحكي بطرف خفي وألم حيّيِ عن أحلامه المتبخرة في انتخابات 2013. اقارب كثيرون وأصدقاء “الشيخ حرمه ” لاموه وأنبوه علي مساراته الحانوتية التي لم تضر أحدا إلا الشيخ حرمة ولم يتأثر منها الي شخصه.
لكنهم آمنوا جميعا وسلّموا أن الأمر قضاء وقدر، لكن مرارة الأعاصير المقيّدة بسلاسل الحصار النفيسي ماتزال تخنق و تحرق قلب الدّكتور كما احترقت آماله جالسا في قصر المؤتمرات في الحوار الممهد الاخير ، فلا من يسلم عليه وكأنه رابع الثلاثة الذين خلفوا. حيث ضاق عليه القصر بما رحب .
تمرقه العيون بطرف خفي فيتمني ان تبتلعه ارضية القصر، حيث لم يجد المكان المناسب له بين عظام المعارضة الجريحة والكسرة من قلمه.
ولم يعد بإمكانه العودة الي الموالاة التي ما يزال جسدها مثخنا بالجراح من مشرطه التائه بين جرح الاصدقاء ، وسلق الاعداء في حلبة السياسة و الأنا الجامحة، فآثر ان يقول الاعتزال :لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ،فيكتب مفككا لشعبه وبلده ممجدا لقوم اخرين كالمغرب والسنغال ،متحدثا عن دوله “البيظان والفوارق الاجتماعية والطبقية بينهم ولحراطين وعن قضية “البوليزريو”” ليرسل من خلالها رسائل واضحة المعالم وضوح الشمس في رابعة النهار.
لن ادخل في جدلية الصراع بين المغرب ،الجزائر، والبولزاريو، حيث أجزم جزما قاطعا ان الدكتور ولد حرمة لم ياتي بهما الا كمرق فوقي.
وختاما “يقول ولد حرمة إذا كنت قد أعلنت اعتزال العمل السياسي ، فقد أعلنت في ذات الوقت أني لم أعتزل العمل الوطني و سأبقى مهتما و متابعا للأوضاع الوطنية و العربية، معلنا عن موقفي عند الاقتضاء و لدى المفاصل الهامة من حياة الأمة، بما ينسجم مع مبادئي و قناعتي، و متى أرى واجبي الوطني.
شيئ تغير في موقف الدكتور حيث ان تعريف السياسة والتّسيس يساوي الاهتمام ومتابعة الاوضاع الداخلية والخارجية لأي بلد والتعبير عن المواقف عند الاقتضاء مع ما ينسجم مع المبادئ والمصالح حيث القناعة .
فلم يتعير شيئ من ما كانت عليه العكل
كنت يلعكلة مالح وامقرد ماك امالح (في السيّاسة)
واليوم اصبحت مالح وامقرد ماك امالح (في الاعتزال)
كان من المفترض ان يكون مأمونا علي حياة الناس كطبيب ومؤتمنا علي سرد الحقائق دون لبس ودون تحيز لأحد او حاجة في نفس يعقوب.
ما اريد هنا هو فقط …ان اوقظ الضمير الوطني لدي جميع قادة الرّأي في ان يتركوا نهش ونبش عورات البلد التي بجب عليهم سترها والمدارات عليها فيكونون مع امتهم لا عليها فنحن لالانملك في هذه الدنيا الا” موريتانيا “واحدة فدعوها بســـلام …..رجاء .
بقلم سيدى محمد أعليات
– See more at: http://sadalakhbar.info/node/1300#sthash.d0ZuMfFq.dpuf