صحيفة المرآة نعكس الواقع كما هو
أغلب الظن أخي القارئ الكريم أن المقصود بالعنوان هو المواطن الموريتاني الذي لا تزال البداوة راسخة في وجدانه بما فيها من طيب نفس وكرم وحسن سجية–ان جاز التعبير-وهي قيم نبيلة يحث عليها ديننا الاسلامي الحنيف يجب ان نعمل جاهدين على التشبث بها والمحافظة عليها في ظل تيار العولمة الجارف الذي لا يعرف للحدود الجغرافية ولا للقيم النبيلة معنى . .
إلا ان الشيء الذي لا يدركه اغلب المواطنين في هذه البلاد هو ان للمدينة أحكامها الخاصة بها تختلف تماما عن حياة الترحال والتجوال التي عاشها اباؤهم وأجدادهم بحثا عن الانتجاع والمرعى وان العمارات الفارهة والشقق المنقوشة بالزخارف البديعة المقامة على قطع ارضية محدودة القى اصحابها عصا الترحال تختلف تماما عن الخيام والاقبئة المضروبة في فضاء الصحراء الفسيحة ، وان قيادة السيارة تختلف تماما بل لا تمكن مقارنتها بقيادة الجمل لما يترتب على الاولى من مخاطر تهدد الارواح والممتلكات وانها سلوك وممارسة أخلاقية تخضع لضوابط وأحكام معينة ،وأن ارتداء حزام الامان أثناء قيادة السيارة واحترام إشارات المرور من أسباب السلامة من حوادث السير وأنهما سلوك مدني يعكس مدى وعي المواطن ومسؤوليته ، وأن المسؤول في مكتبه انما وظف لخدمة المواطنين وتسوية مشاكلهم وتسهيل نفاذهم للخدمات ، وأنه مأجور على ذلك من قبل السلطة بإ عتبارها راعية المصلحة العامة ،وان وقته ليس ملكا له حتى يقضيه فيما لا يفيد العباد ولا البلاد .وان للسياسة اصحابها الذين يجيدون ألاعيبها ويدركون كنهها وصالحها وطالحها وان الشعب لا يمكنه ان يمتهنها كله حتى لا يختل فيه نظام تقسيم العمل المبني على تبادل المصالح واختلافها ،وان الوقت هو اثمن ما في الحياة وأن ما ضاع منه لا يمكن استرجاعه وأنه إما للشخص أو عليه فلا يجوز تضييعه هدرا ، وأن صيانة الممتلكات العامة مهما كانت طبيعتها مسؤولية الجميع وان ديمومة خدماتها والتحسين من مستواها اساسه المحافظة عليها ،وأن حب الوطن والعمل على تماسك نسيجه مسؤولية دينية قبل أن تكون وطنية وأخلاقية.فمتى نعمل جادين على تغيير عقلياتنا ونعوض ما فاتنا من أسس الدولة الحديثة والإدارة قبل الاستعمار وأثناءه حتى نعيش مدنيتنا كما عاش أسلافنا بداوتهم وطوعوا قسوتها وشظفها في ترسيخ العلم والمعرفة في أصقاع العالم لا ان نعيش المدنية بعقلية الأعراب فتفوتنا الاولى ونخسر الثانية.
بقلم الأستاذ حمدي ولد محمد يحظيه