قبل أن نحاول الإجابة على سؤال السيد المهدي المنتظر يجدر بنا أن نورد ملاحظات نراها مهمة في هذا السياق المتأزم و الخطير فالرق و قضاياه و مخلفاته شكل في الجمهورية الإسلامية الموريتانية جرحا نازفا و كلمة سحوة كما يقال في الحسانية و نقطة حذر و ملفا معقدا لا يحسن بكل أحد تناوله من أجل ذلك تاجر به البعض و رفضه البعض أما عمق حقيقته فقليل ما هم الذين يدركون كنهها فنتج عن ذلك تخبط و التباس تنازع طرفاه طرحان متطرفان أما الجهات الرسمية قبل هذا الحكم فنادرا تسهم فيه و إن طرحته فإنما يكون ذلك على استحياء و خجل و كان أمرها و نهيها غائبان في معمعان التجاذبات المتطرفة الممقوتة و قد ناقشت هذا الأمر بصدق و موضوعية في مقال نشرناه سنة 2011 تحت عنوان الرجوع إلى الحق حق و طلبنا فيه من سيادة الرئيس أن ينشئ الوكالة المكلفة بمحو آثار الرق فاستجاب مشكورا
هذا أولا و ثانيا نريد أن نبدي استغرابنا و دهشتنا من أن يكون مثل هذا المقال الملغوم الذي ينضح بالسموم القاتلة و السهام الحادة صادر عن سماحة السيد المهدي المنتظر الذي سيملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا و الذي تنتظره الفئات المسحوقة على أحر من الجمر و ترى فيه المخلص الوحيد الذي يمكنها ان تسعد في ظله بالأمن و أن تتنفس في جوه جرعة من الحرية
إن هذا الأمر محير حقا فمثل هذا المقال لا يمكن بأي منطق أن يصدر عن مهدي منتظر أو غير منتظر
إن السيد المهدي بكل أسف نطق جهلا و سن ضلالا و أحدث فتنة دعونا من الرق فهو شائك و يتطلب دراية و رواية و لباقة لا تتهيأ لكل أحد لكن كلام الرجل كان جارحا إلى حد القطع و مباشرا إلى حد النرفزة و الإسفاف إن لم نقل السوقية و هو من هو إنها لحظة انزعاج و انفعال و سطحية أبانت عن يأس و سوداوية و عن فشل خطاب السيد المهدي المنتظر كما أظهرت عجز خططه و تهافت أفكاره و إني لأخشى أن يكون الرجل لا قدر الله أصيب في عقله عافانا الله و إياه إنه في الحقيقة مقال غير منتظر من سماحة المهدي المنتظر
إن تقريع أشخاص بأعيانهم و سرد مغامرات شخصية أمر يمجه الطبع السليم ناهيك عن فخر بأسلوب مضحك إننا قرأنا أن السيد المنتظر يصلحه الله تعلى في يوم و ليلة و هذا يكفي سماحة المهدي من كل فخر آخر
إن محاولة إقحام الكتاب و السنة الطاهرين المطهرين في موضوع متأزم كهذا أمر عجيب و كذلك فإن جعل حوادث فردية لا يسلم منها مجتمع متعايش في ظروف دولية خانقة و جعل هذه الحوادث الجانبية فعلا سياسيا متعمدا و تصرفا مبيتا و صهرها في قوالب فئوية ضيقة هو تحامل صارخ إن بائع الرصيد لا تعنيه السياسة من قريب و لا من بعيد و لا يأبه بمشاكل الطبقية و العنصرية إنه شخص كادح يعمل من أجل لقمة عيشه و قس عليه البقية
إن هذا الطرح إنما يذكي نار الفتنة و يعمل على شق عصى المسلمين و إشاعة التنافر و الفرقة و الضغينة بينهم و هو بعيد كل البعد عن جو السيد المهدي المنتظر
إن هذا لا يقل خطرا عما قام به الصديق السابق للمهدي المنتظر من حرق كتب المذهب و العياذ بالله إن لكلا الرجلين محرك تطرفي مقيت لقد أنكرنا ذلك و تبرأنا قبله من أفكار السيد الرئيس برام و كنا من أوائل من اطلع علي أفكاره سنة 2000 حيث أقمنا معه “إيداد” لكن ظهر أن توجهه غير سوي فذهب إلى حال سبيله و مضينا إلى حال سبيلنا
إنما عدده المهدي من أحداث و أسباب يمكن أن نورد أضعافه في الجانب الآخر و هو أمر أكثر من بط لعبيد كما يقول المثل الحساني لكنه إنما ينظر الأحداث بعين واحدة و يكيل الأمور بمكيالين و يأخذ بمعيار مزدوج و هو أمر أقل ما يقال عنه إنه غير منصف و لا يخدم الوحدة الوطنية و المؤاخاة الإسلامية و لا صالح الأمة و الجماعة و إثارة مثل هذه النعرات في هذه الظروف تفوح منه رائحة غير زكية
إن التشدد و التطرف و العنف و كلما يقترب من هذه اللائحة الهدامة أمر منبوذ و هذه حقيقة نرجوا أن لا تغيب في صخب أبواق هؤلاء الذين يئسوا من تسويق أنفسهم في الخارج و أخفقوا في الداخل
إن الموريتانيين شعب سواء و هم بجميع مكوناتهم أمة واحدة و يد واحدة لا يضرهم من شذ عنهم و إن بث الفرقة لا يخدم أحدا
أما آن لنا أن ندافع عن حقيقة نجعلها نصب أعيننا إنها حقيقة كون الحراطين و البيظان شيء واحد و عظم بلا مفصل و لا يمكن فصل سواد العين عن بياضها أما غير ذلك فتصرف صبياني و عبثي بل جنوني إن من يشكك في ذلك سيلقى عنتا و شرا و سيلفي نفسه منبوذا بالعراء تتملكه هلوسات السيد المهدي المنتظر و وساوسه
إن الدين الإسلامي آخى بين سيدنا صهيب الرومي و سيدنا بلال الحبشي رضي الله عنهما و جعلهما أكفاء و أندادا لأقحاح قريش البطاح و هذا بالفعل هو ما عشناه على هذا الصقع من أرض الإسلام منذ دخول الإسلام حتى اليوم و العهدة على الكاتب و كل من أزعجه هذا الأمر فليشرب البحر أو ليعارض قامة الريح كفانا بيعا للعبيد و قضايا العبيد كل من أفلس من المتسولين السياسيين يعمد إلى كياننا الإجتماعي ليهز جذعه مستجديا و هيهات الشعب الموريتاني فهمكم لقد افتضحتم فعلا
إن الولايات المتحدة الأمريكية و هي أرقى دولة بها من الأعراق و الأجناس ما الله به أعلم و لم نسمع بها أبدا عن مشكل في نزاع عرقي أو طائفي ألا يجدر بنا أن نحذو حذوها في هذا الأمر إذا أردنا التقدم و الحرية حقا إن تعدد الأعراق يشكل عامل ثراء و نماء
إن المتطرفين من السياسيين و الإجتماعيين لهم أجندا قصيرة الأمد و مقزمة الأبعاد و هزيلة الطرح لا تسموا إلى تطلعات شعب عريق و ستبدي الأيام أن موريتانيا أكبر منهم و أن موريتانيا الأعماق أعمق من تناولهم السطحي و أقوى من صرخاتهم البائسة اليائسة
إنما قام به الهدي المنتظر عجل الله خلاصه لا يعدوا أن يكون صيحة في فراغ و هذيانا أبان عن نجيثته المتناقضة و موقفا متطرفا يسيربه نحو عنوانه المعروف خالف تعرف لكن المجتمع الموريتاني صاحب الحصانة الراسخة و العقول الراجحة لا تشوش عليه مثل هذه الزوابع و الغمامات التي سرعان ما تنقشع و تتلاشى و يتماسك المجتمع فهي لن تزيده أن شاء الله إلا قوة و صلابة
إن موريتانيا بحكمة قيادتها سلمت من آفات و ويلات ما يسمى بالربيع العربي و ستسلم إن شاء الله بإرادة القادة و الخيرين من مثل هذه المطبات و الدعوات الهدامة
إن أصواتنا نحن المعتدلين ليست صارخة و ألواننا ليست براقة و مظاهرنا ليست جذابة و طرحنا ليس طوباويا و لكن عندما تنحسر الأصوات و يصحوا المجتمع سيعلم أننا كنا اليد الخفية التي رعته و الساعد القوي الذي ذب عنه و العقل الحصيف الذي دافع عنه وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
أبوبكر ول بلال مؤذن مسجد بنين
محامي الوحدة الوطنية
نائب رئيس اتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين
هاتف 22227040