تأكّد مقتل أحمد عبدي غودان، زعيم حركة الشباب الصومالية، في غارة أميركية هذا الأسبوع، في تطوّر يشكّل ضربة للحركة التي ستجد صعوبة في إيجاد خليفة له بعد قادها بيد من حديد وقتل الكثير من منافسيه.
فالزعيم الشاب الذي تسلّم قيادة الحركة عام 2008، هو الذي حوّلها من حركة تمرّد محلي إلى حركة إقليمية لديها أتباع في الدول المجاورة للصومال، إذ يعرف عنه مناصرته الشديدة للجهاد العالمي ومعارضته للنظرية “القومية” الصومالية.
يعرف غودان، أيضاً بمختار أبو الزبير، ولا يعرف له تاريخ ميلاد دقيق ولكن تميل معظم التقارير إلى الإشارة إلى أنه ولد عام 1977 أو 1978، في مدينة هرجيسا عاصمة جمهورية “أرض الصومال” الانفصالية.
يتحّدر زعيم حركة الشباب الصومالية التي تسيطر على معظم المناطق الريفية في الصومال، من قبيلة اسحق في أراضي الصومال وقضى طفولته في ميتم، قبل أن ينال منحة خوّلته دراسة العلوم الإسلامية في السودان والمحاسبة في باكستان في أواخر 1990 حيث تأثّر بالفكر الجهادي. ويعتقد أنه عبر إلى أفغانستان حيث تدرّب في معسكرات “القاعدة”
لا يوجد لغودان سوى صورة واحدة منتشرة وهي غير واضحة، إذ لم يكن الزعيم الشاب يحبّذ الظهور أمام الكاميرا واكتفى بتسجيل رسائل صوتية.
لم تكن الغارة الأميركية التي استهدفت غودان الأولى التي تستهدف قيادات الحركة، فقد قتل سلفه عدن حاشي عيرو في غارة مماثلة عام 2008 في منطقة نائية جنوب الصومال ما أتاح له تسلّم قيادة الحركة.
عرضت الولايات المتحدة مكافأة للقبض على غودان تصل إلى 7 ملايين دولار، وهو واحد من أبرز المطلوبين الذين تلاحقهم الولايات المتحدة بتهمة الإرهاب.
ارتبط اسم غودان بتفجيرات كامبالا في أوغندا العام 2010 التي قتل فيها 74 شخصاً إذ أصدر بعدها تحذيراً من أن “ما حصل في أوغندا ليس سوى البداية”.
أما الهجوم الذي نفّته حركة الشباب في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي عندما شن مسلحون من الحركة هجوماً على مركز “ويستغايت” التجاري أسفر عن مقتل 67 شخصاً، فقد شكّل منعطفاً مهماً في مسار الحركة وكرس غودان كـ “بن لادن” جديد في افريقيا.
وقال غودان بعد وقت قصير من الهجوم على المركز التجاري الذي استمر أربعة أيام إنه “رسالة الى الغربيين الذين دعموا الاجتياح الكيني للصومال عبر سفك دم المسلمين لمصلحه شركاتهم النفطية”، واضاف متوجها الى الكينيين بالقول: “اسحبوا قواتكم من الدول الاسلامية او استعدوا لحمامات دم اخرى”.
وكشفت وثائق ورسائل عثر عليها في منزل قتل فيه زعيم تنظيم “القاعدة” السابق أسامة بن لادن في باكستان في عملية أميركية، عن رفض الأخير لطلب من غودان لاندماج الحركة مع التنظيم، وتحذيره له من إيذاء المسلمين في هجماته.
وكشفت رسالة وجهها بن لادن في آب (أغسطس) 2010، إلى غودان عن رفض الزعيم الراحل لطلبه الإعلان الرسمي عن اندماج الحركة مع التنظيم، إلاّ أن خليفة بن لادن، أيمن الظواهري، أعلن اندماج “الشباب” مع تنظيم القاعدة في فبراير (شباط) العام 2012.
وتتناقض عملية الدمج مع مواقف شريحة كبيرة في الحركة ترفض انضمامها إلى حركات الجهاد العالمي وتؤيّد بقاءها حركة قومية، وهو ما أدى إلى انقسامات في صفوفها.
وبعد مقتل غودان، يعتقد أن حركة “الشباب” سوف تواجه أزمة قيادة وصراعاً على السلطة إذ لم تبرز شخصية يمكن أن تشكّل خلفاً للرجل الذي تقول تقارير إنه صفّى الكثير من منافسيه بينهم شخصيات مؤهلة لخلافته، يضاف إلى ذلك إلغاؤه مجلس شورى الحركة الذي سبق أن اختاره، لأنه رأى فيه تهديداً محتملاً له.
ويرى خبراء أن هناك إمكانية حقيقية في أن يثير موته اقتتالاً داخلياً أو يؤدي إلى تشكيل حركات منشقة أصغر حجماً وربما أكثر خطورة.
وهناك عدة أسماء مطروحة لخلافته مثل الشيخ مختار روبو المعروف ايضا باسم ابو منصور والذي عمل في السابق ناطقاً باسم الحركة.
ولكن في جميع الأحوال يعتقد الخبراء أن الحركة لن توقف عملياتها خصوصاً في الصومال حتى لو حصل فراغ في قيادتها.