أصدر معهد الدوحة للدراسات الاستراتيجية دراسة اليوم حول مازعم أنها أسباب الخلاف بين دولة قطر وبين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين وضحت فيه جذور هذا الخلاف ومستقبله والمنافسة المحمومة بين قطر والسعودية في بلاد الربيع العربي والعلاقة مع أمريكا.
جاء فيها:
بعد توتُّر صامت – رسميًّا – في العلاقات بين دولة قطر من جهة، وكلٍّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى، تفجَّر الخلاف وظهر إلى العلن إثر إعلان هاتين الدولتين، ومعهما البحرين، سحْب سفرائها من الدوحة. وفي حين أحجمت الكويت وعُمان عن الانضمام إلى هذا الموقف، هنّأت الحكومة المصرية الدول الثلاث بقرارها. وعلى الرغم من أنّ الخلافات القطرية – السعودية ليست جديدةً؛ إذ كانت تظهر في السنوات الأخيرة من خلال حملات إعلامية تشنُّها صحفٌ ومواقعُ تملكها هذه الدول على نحوٍ مباشر أو غير مباشر، فإنّ حدَّتها التي استدعت خطوةً من قبيل سحْب السفراء جاءت مفاجِئةً. وقد أصدرت الدول الثلاث بيانًا حاولت أن تشرح فيه الأسباب التي دعتها إلى هذه الخطوة، متَّهمةً دولة قطر – من بين أمور أخرى – بعدم التزام المبادئ التي تكفل “عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأيّ من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي”. وعلى الرغم من أنّ البيان، على غير العادة، جاء مُفصَّلًا، فإنه مع ذلك ظلَّ مواربًا وعامًّا، ولم يُقدِّم شرحًا وافيًا بشأن دواعي خُطوة بهذه الدرجة؛ فقد تُركت هذه المهمة لمجريات العادة يتناولها الموالون لسلطات تلك البلدان من الأكاديميين والإعلاميين المتنافسين في الاقتراب من وجهات النظر الرسمية لحكومات دولهم. أسباب الخلاف
على الرغم من أنّ الخطوة الخليجية الثلاثية مرتبطة مباشرةً بمواقف قطر من الربيع العربي، من قبيل قيام قناة الجزيرة بتغطية الثورات إعلاميًّا، ودعْم قطر السياسي والاقتصادي المعلن للحكومات التي قامت بعد الثورات العربية، ورفضها الموقف السعودي الإماراتي المتمثِّل بمحاصرة هذه الثورات، واستضافتها شخصياتٍ عربيةً معارضةً، فإنّ الخلاف السعودي – القطري يعود في حقيقة الأمر إلى فترة تولِّي الشيخ حمد بن خلفية مقاليد الحكم في قطر في منتصف تسعينيَّات القرن الماضي. وقد برز الخلاف على أشدّه في مواقف الطرفين من مختلف القضايا العربية والإقليمية، وخصوصًا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز / يوليو 2006، وعلى غزة (2008 – 2009)، ذلك أنّ الدولتين اتخذتا مواقفَ متناقضةً كلِّيًّا؛ ففي حين دعمت قطر موقف المقاومة اللبنانية والفلسطينية المتمثلة بحزب الله وحماس في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وقدَّمت لهما دعمًا ماليًّا وسياسيًّا كبيرًا، برَّرت السعودية التي تزعَّمت في ذلك الوقت ما كان يُعرف بمحور الاعتدال الذي ضمَّ إليها كلًّا من مصر، والأردن، والإمارات، السياساتِ الإسرائيليةَ بما عدَّته خطواتٍ استفزازيةً قامت بها حركتا المقاومة، وقاطعت قمَّة غزة العربية التي استضافتها الدوحة مطلعَ عام 2009، وقد خُصِّصت لدعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي، علمًا أنّ هذا الموقف لم يمنع قطر من اتخاذ موقفٍ مضادٍّ لموقف حزب الله حين وقف مع النظام السوري ضدَّ شعبه، في حين أنها استمرَّت تعارض الحصار على غزة، وتدعم صمود سكانها، خلافًا لموقفي مصر والسعودية الرسميّين. وعلى الرغم من أنّ الربيع العربي همَّش تقسيمات محورَي الاعتدال والمقاومة؛ بالنظر إلى أنّ ثورات الحرية والكرامة لم تميِّز بينهما؛ ذلك أنَّها أسقطت، على سبيل المثل، حسني مبارك “المعتدل”، وتصدَّت لدكتاتورية بشار الأسد “الممانع”، فإنّ ذلك لم يُؤَدِّ إلى إنهاء الخلاف القطري – السعودي، بل أعطاه سببًا إضافيًّا للاستمرار والتفاقم. لقد عدَّت السعودية – وهي الدولة الأكثر محافظةً في المنطقة – ثورات الربيع العربي، منذ البداية، مُوجَّهةً ضدَّها، فقادت محور الثورات المضادة، وظلَّت تقوم – بمعيَّة دولة الإمارات – بفعل ما بوسعها لإحباطها؛ من ذلك أنَّها استضافت أوَّل رئيس عربي مخلوع، وهو زين العابدين بن علي، وعرضت استضافة حسني مبارك بعد أن فشلت في منع إطاحته. ثمّ إنها اختلفت – بمعيَّة الإمارات أيضًا – مع الموقف الأميركي من ثورة يناير، عادَّةً إيَّاه تخليًا أميركيًّا عن حلفاء أميركا. وفضلًا عن ذلك لم تُبْدِ أيَّ حماسة تجاه إطاحة نظام العقيد القذافي، على الرغم من خلافها الكبير معه، بل إنّ موقفها من الثورة الليبية التي ساهمت الإمارات في دعمها مباشرةً مع قطر، كان على عكس ذلك، موسومًا بالسلبية. أمّا في ما يتعلَّق بثورة سورية فقد التزمت السعودية الصمت طَوال ستة أشهر، جرى فيها قمع الثورة المدنية بالقوة المسلحة، ولم تتكلَّم إلّا في شهر رمضان 2011 الذي تخلَّله اقتحام الجيش السوري مدينةَ حماة، وبعد تعالي دعواتٍ في أوساط الرأي العامّ السعودي إلى اتخاذ موقف ممَّا يجري في سورية. زيادةً على ذلك، كانت الرياض قد سارعت في بداية الثورة إلى تقديم معونات مالية للنظام السوري لمساعدته على إسكات الاحتجاجات، عبر إيفاد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) إلى دمشق في شهر نيسان / أبريل 2011. ولولا البعد الجيوسياسي للصراع في سورية وخشية الرياض من هيمنة إيرانية مطلقة على المنطقة، في حال انتصار النظام السوري، لما تميَّز الموقف السعودي من الثورة في سورية من موقفه من الثورات العربية الأخرى. أمّا الإمارات فقد ظلَّ موقفها من الثورة السورية، فترةً طويلةً، مُبهمًا للغاية. ولم يَفُتَّ في عضُد السعودية نجاح الثورات العربية في إطاحة أنظمة فاسدة، بل تواصلت محاولتها في تقويض الديمقراطيات الوليدة وحرْف عملية التحول الديمقراطي عن مسارها، وكان نجاحها الأكبر في مصر التي شكَّلت أبرز نقطة خلاف مع قطر. فقد أطاح الجيش المصري في 3 تموز / يوليو 2013، بانقلاب عسكري قاده وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي، حُكمَ الرئيس المصري محمد مرسي، وأدَّت السعودية والإمارات دورًا مشهودًا في محاصرة النظام المنتخب، وفي التعبئة الإعلامية التي حضَّرت للانقلاب، بما في ذلك الاستثمار في الإعلام المصري. ولم يَخْلُ الأمر من طرافة؛ إذ إنّ وسائل الإعلام السعودية والإماراتية كانت مستعدةً للتسامح مع لفظ الـ”ثورة”، وحتى مع استخدامه مباشرةً في وصف الهبَّة الشعبية يوم 30 حزيران / يونيو، وانقلاب 3 يوليو، مثلما تسامحت مع صُوَر عبد الناصر العدوِّ التاريخي اللدود للمملكة، بما أنهما وجدتا تشبيه السيسي به مفيدًا في الانقلاب على المسار الديمقراطي. إضافةً إلى ذلك، تؤدِّي كلّ من السعودية والإمارات دورًا في منع استقرار أنظمة ديمقراطية في تونس واليمن؛ ذلك أنّ السعودية غير معنية بنجاح أيّ تجربة سياسية تعدُّدية يجري فيها تداول السلطة. ولكن في الوقت الذي يمكن أن تُفهَم فيه خشية السعودية من الديمقراطية، يجد المرء صعوبةً في فهم الموقف الإماراتي من مسألة التحوّل الديمقراطي؛ فعلى الرغم من أنّ الإمارات غير مهدَّدة بهذه المسألة – شأنها في ذلك شأن قطر بسبب طبيعة النظام الاقتصادي وبنية المجتمع – تتبنَّى موقفًا يكاد يكون “جهاديًّا” ضدّ القوى الإسلامية (بما في ذلك المعتدلة منها)، وضدّ حركات المقاومة، وفي الدفع للتطبيع مع إسرائيل. ولئن كان من غير الممكن طرْح هذا الخلاف في السياسة الخارجية، بوصفه سببًا لسحب السفراء، فقد أثارت الرياض خلال الآونة الأخيرة عدَّة قضايا خلافية لتبرير هذه الخطوة؛ بعضها – بل أغلبها – سابقٌ، أصلًا، لتولِّي الشيخ تميم بن حمد مقاليد الحكم في بلاده، وبعضها الآخر متعلِّق بتصريحاتٍ ومقولاتٍ في وسائل إعلامية لا تقود عادةً إلى مثل تلك الخطوات التي اتُّخذت، ولا تبررها. إنّ التحدي الأساسي الذي تمثِّله قطر، بالنسبة إلى السعودية وكلِّ المنظومة السياسية في المنطقة، هو في انتهاجها سياسيةً خارجيةً مستقلةً عن المحور السعودي وعن المحور الإيراني في الآن نفسِه، واحتضانها شخصياتٍ ورموزًا من كلّ التيارات والاتجاهات الفكرية والسياسية السائدة في العالم العربي؛ من إسلاميين، وقوميين، ويساريين، ولبراليين، حتى أنّ بعضهم يكاد يحار في قدرة قطر على ضمِّ هذا الكمّ الكبير من التنوع الذي يعدُّه من لم يتعوَّد مثل ذلك في السياسة العربية، تناقضًا وارتباكًا في السياسة الخارجية القطرية. على أنّ الأمر ليس مرتبطًا في حقيقته بخيارات مختلفة في السياسية الخارجية القطرية، بل هو الهامش الذي يتيحه وجود قطر خارج المحورين السعودي والإيراني لقوى سياسية ناقدة للمحورين في أن تُعبِّر عن نفسها وأن تتقاطع مع قطر؛ فليس ثمَّة أماكن عديدة في المشرق العربي يمكن لمن هم خارج دائرة تأثير المحاور أن يلجؤوا إليها، أو أن يعبِّروا عن أنفسهم في إعلامها. وهذا لا يعني أنّ قطر تتبنى مواقف هذه القوى بالضرورة كما تحاول أن توحيَ بذلك وسائلُ إعلامٍ تابعة للسعودية والإمارات؛ ذلك أنه تجري، من خلال هذا المدخل، محاولات إلصاق تُهم بقطر؛ نحو الادعاء أنها تدعم تيارًا سياسيًّا بعينه مثل تيار الإسلام السياسي، أو جزءًا منه مثل جماعة الإخوان المسلمين. وفي الوقت الذي تجري فيه محاولات لطمس أيِّ تمايزٍ بين القوى الإسلامية، يكتمل المشهد بالعمل على الخلْط بين الإخوان والإرهاب والقاعدة؛ حتى يصبح الجميع في سلَّة واحدة. إنّ الإخوان تيار سياسي دعمته السعودية ضدّ عبد الناصر تحديدًا، واستضافت رموزه على امتداد عقود طويلة، وأيّ محلل سياسي رصين – بغضّ النظر عن موقفه من هذا التيار – يعرف أنه تطور منذ تلك الفترة، وذلك حتى من منظور إحداثية التمييز بين المعتدل والمتطرّف؛ إذ خاض انتخاباتٍ برلمانيةً في عدَّة دول، وأصبح يُعَدُّ قوةً سياسيةً شرعيةً في إطار أيّ نظام تعدُّدي، ولكنّ موقف السعودية والإمارات أصبح معاديًا للإخوان، على نحوٍ خاصٍّ، حين أصبح هذا التيار أكثر براغماتيةً. وإذا كانت توجد أدلَّة كثيرة على دعْم السعودية للإخوان ضدّ نظام عبد الناصر في الخمسينيَّات والستينيَّات من القرن الماضي، فإنّه – حتى الآن – لم يقدِّم أحدٌ أيَّ دليلٍ على دعْم قطر للإخوان. أمَّا الخلط بين دعْم قطر حكومةً منتخبةً اعترف بها العالم كلُّه، وبين دعْم الإخوان فهو أمرٌ مقصود؛ لأنّ دعْم الديمقراطية والشرعية لا يُمكن أن يكون تُهمةً. إنّ كل ما فعلته قطر في هذا الشأن هو أنَّها منحت الإخوان منبرًا يعبِّرون فيه عن أنفسهم. لكنّ هذا الأمر لم يكن خاصًّا بالإسلاميين؛ إذ منحَت قطر آخرين المنبر نفسه، بمن فيهم خصوم الإخوان، وخصوم الإسلام السياسي. وإنّ قناة الجزيرة التي تُعَدُّ تغطيتها الإعلامية للثورات العربية، بخاصة ثورة مصر، أحدَ أهمِّ أسباب الخلاف مع السعودية، تشكِّل منبرًا تتمكن من خلاله أصوات فكرية وشخصيات سياسية من تيارات مختلفة، إسلامية كانت أو غير ذلك، من التعبير عن دعمها للمقاومة والديمقراطية، ويكفي أن نتمثَّل الحال التي يمكن أن يبدوَ عليها المشهد السياسي والإعلامي العربي في غياب مثل هذا المنبر حتى ندرك أهميته. كما أنّ وسائل إعلام قطر، خلافًا لمنتقديها، غالبًا ما تُضيف الرأي المعارض لها؛ ومن ذلك على سبيل المثال، المؤيِّد للانقلاب في مصر، والمؤيِّد للنظام السوري، والمؤيِّد للموقف السعودي الحالي أيضًا، في حين يبدو معسكر الثورة المضادة في المنطقة جوقةً واحدةً موحَّدةً، شأنَ الإعلام الرسمي في الأنظمة الدكتاتورية. وربما كان أفضل تعبير عن حقيقة هذا المشهد هو اتهام قطر بأنها “تغرِّد خارج السرب”، أو “تمشي خارج القطيع”. إنّ ما تُؤاخذ به قطر – في رأينا – أنها لم تكن على مسافة نقدية كافية من الإخوان في مصر، ولكنّ عذرها أنّ التآمر على النظام المنتخب في مصر – منذ اليوم الأول – لم يُتِحْ لها ذلك، وأنّها تعاملت في نهاية المطاف مع من انتخبهم الشعب، وانحازت أكثر من غيرها إلى التيارات الإسلامية؛ لاعتقادها أنها بهذا الانحياز إنَّما تنحاز إلى الرأي العامّ. وهي، في رأينا، لم تدرك درجة تنوّع الرأي العامّ العربيّ والقوى الصاعدة بعد الثورات غاية الإدراك. لا شكّ في أنّ لدى قطر – مثلها مثل بقية دول مجلس التعاون الخليجي – الكثير من المشكلات، وأنّ فيها العديد من السلبيات الناجمة عن النظام الاقتصادي الريعي، يُضاف إلى ذلك التحالف مع الولايات المتحدة، والبنية الاجتماعية المحافظة، ونسبة العمال الأجانب المرتفعة وما يترتَّب عليها من المسائل المتعلِّقة بحقوقهم، والخطر الذي يمثِّله هؤلاء بالنسبة إلى هوّية البلاد. غير أنّ هذه القضايا، تعانيها دول مجلس التعاون كلها. ومن المؤكَّد أنّ هذا ليس هو سبب النقد السعودي والإماراتي لها، بل إنّ السبب يعود إلى ما تميزت به إيجابيًّا في ما أتاحه انفتاحها، وإلى اتخاذها موقعًا خارج المحاور.
إلى أين تتجه الأمور؟
لقد أعربت قطر عن رغبتها في احتواء الخلاف وعدم التصعيد؛ من خلال عزوفها عن مقابلة الخطوة السعودية – الإماراتية – البحرينية بمثلها، وأعلنت أنّ سحْب سفرائها من الدول الثلاث مسألة ليست واردةً بالنسبة إليها، وأعلنت، أيضًا، أنها ملتزمة بميثاق مجلس التعاون، وأمنه المشترك، ومصالح شعوبه. بيد أنّها لا تملك، من جهة أخرى، الرضوخ لما يُطلب منها؛ فالمطلوب هو أن تتخلى عن سياستها الخارجية المستقلة، وعن دعمها للثورات العربية، وعن استضافتها معارضين عَربًا لم يجدوا في بلدانهم الأصلية متنفسًا للتعبير عن أنفسهم، وأن تنهج سلوكًا أقرب ما يكون إلى سلوك البحرين في علاقتها بالشقيقة الكبرى، وأن تقوم بإغلاق قناة الجزيرة؛ أو في المقابل دفعها في اتجاه المحور الإيراني، وهذا ما لم يكن واردًا في أوقات أصعب خَلَتْ، بخاصة بعد أن ثبت أنّ التراجع تحت ضغْط الإملاء يؤدِّي إلى طلب المزيد، وأنّ ثمَّة من لا يقبل بأقلَّ من التبعية الكاملة. لا يسع قطر أن تتدخل في شؤون الدول الخليجية الأخرى، مثلما لا تقبل أن يتدخل أحد منها في شؤونها. هذه قضية جِوَارٍ حضاري وإستراتيجي لا بدَّ من إيلائه حفاظًا وحرصًا خاصَّين. كما أنّ على قطر أن تدرك أنها تولَّت من الأمور الإقليمية والدولية التي لا يمكنها معالجتها دفعةً واحدةً. غير أنها لا تستطيع، على الرغم من ذلك، أن تقبل إملاءات المحاور، أو أن تتخلَّى عمَّا هو إيجابي في كثير من السلوك المنفتح، وعن المبادرات التي منحت دولة قطر شخصيتها المميَّزة عربيًّا ودوليًّا، ولا يمكنها أن تتخلَّى، أيضًا، عن تعزيز العلاقات التي تربطها ببقية الدول الخليجية، على نحوٍ يخدم المصالح المشتركة، في إطار تعاونٍ يسمح بهامش من الاختلاف في القضايا التي لا تمسُّ دول مجلس التعاون مباشرةً. وإنّ أيّ تصعيد سيقود في النهاية إلى مصالحة، وأيّ مصالحة سترتكز – في الوقت نفسه – على مبدأ الاستقلالية، واحترام سيادة الدول، والمصالح الخليجية المشتركة.