وجه رجل الأعمال الموريتاني محمد ولد بوعماتو، خطاباً إلى الموريتانيين بعد عشر سنوات من المنفى انتهت زوال اليوم الثلاثاء، حين عاد إلى العاصمة نواكشوط، قال فيه إنه لا يحمل أي كراهية أو استياء تجاه من كانوا السبب في منفاه، متوجهاً بالشكر إلى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي وصفه بـ «الشجاعة».
وقال ولد بوعماتو في خطابه : «سامح الله المتواطئين، بدرجات متفاوتة، في الظلم الذي عانيتُه وعاناه الكثير من الموريتانيين الآخرين»، قبل أن يضيف: «ليس في قلبي مكان للكراهية ولا لذرَّة استياء من ما اقترفوه في حقي».
ولد بوعماتو غادر موريتانيا قبل عشر سنوات إثر خلاف سياسي مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وجهت بسببه إليه تهم بالتهرب الضريبي وتعرض لمضايقات، ورغعت في حقه مذكرة توقيف دولية.
وقال ولد بوعماتو: «في هذه اللحظة بالذات، أنا أسعدُ رجلٍ على وجه الأرض. وكيف لا أكون سعيداً وقدماي تلامسان من جديد تراب وطني، بعد عشر سنوات طوالٍ من المنفى الإجباري وبالإكراه ؟».
ووصف ولد بوعماتو ما تعرض له بأنه «المحنة الأكثرَ إيلامًا في حياتي كإنسان. لقد افتقدتُ هذه الأرض كثيراً، وشدَّني الحنينُ لهوائها الدافئ!»، وفق تعبيره.
واعتبر ولد بوعماتو أن ما تعرض له كان «ألمًا مضاعفًا»، مشيراً إلى أنه «في نهاية عقد طويل من الغربة بعيدًا عن الوطن الأم، صعدت إلى باريها روحُ أمي التي أنجبتني على هذه الأرض، دون أن يُتاح لي أن أرافق جثمانها الطاهر إلى مثواها الأخير».
قبل أن يضيف: «لذا، فإن خطواتي الأولى فوق هذه الأرض الغالية ستكون باتجاه مرقدها الأخير».
وشكر رجل الأعمال العائد من المنفى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وقال: «شكراً لرئيس الجمهورية الذي اتخذ لدى تسلُّمه مقاليد الأمور شجاعة في مواجهة التشاؤم والتشكيك والتآمر، وخطا واثقًا على درب إعادة وطننا الغالي إلى سكة دولة القانون والديمقراطية».
وأضاف ولد بوعماتو أنه «بفضل شجاعة وانفتاح السيد الرئيس استعدنا تقدير إخوتنا العرب والأفارقة، وكرامتنا واحترامنا على الصعيد الدولي كشعب وأمة. قد يبدو الأمر مجرد كلام، لكنه عينُ الحقيقة وشهادة لا لبس فيها من شخص لم يزده البُعد إلا انشغالا بصورة وطنه على المشهد الدولي».
وحول مستقبله قال ولد بوعماتو: «على المستوى الشخصي، وبكل تواضع، وفي إطار ما أتْقنه أكثر، ستستمر جهودي للنهوض باقتصاد بلدنا، ولتحسين الظروف المعيشية لمواطنيه، فحتى، وأنا في المنفى، لم أتوقف عن خدمة بلدي».
وأضاف: «عليَّ استدراكُ الوقت الضائع، فخلال سنوات المنفى العشر الطوال لم أعثر على ترياق لمحبة موريتانيا الغالية التي تتملكني وأتملكها. لقد عانيتُ كثيراً جراء اقتلاعي من أديم وطني، وسوف أجانب الحقيقة إن قلت إن الأمر لم يكن مؤلماً».
وقال ولد بوعماتو إنه على الرغم من المنفى كان دائماً يعمل، قبل أن يضيف: «إذا سمحتم لي سوف أستأنف العمل هنا وسوف يتجدد اتصالي بكم وبأرض أجدادنا التي افتقدتها كثيراً».
وقال ولد بوعماتو إن «أمنيته الكبير» هي «أن لا نُلقيّ أبدا بأيّ من مواطنينا في سجن المنفى البغيض، لمجرد أنه مختلف أو يفكر بطريقة مختلفة»، وأضاف في خطابه الموجه للموريتانيين: «باختصار: أرجو أن لا يحرم أحدٌ من وطنه، أو يُخرج منه بالقوة، أو يُبعد عنه بتعسف».