توفي يوم الجمعة في جدة المفكر الإخواني المعروف محمد قطب، الأخ الشقيق لسيد قطب، الذي تم إعدامه على يد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر في منتصف ستينات القرن الماضي. وكان محمد قطب ومجموعة من رموز التيار الإخواني المؤيدين لفكر سيد قطب والمتتلمذين على يديه لجؤوا إلى السعودية، بعد أعوام طويلة قضوها في الصدام مع حكم الضباط الأحرار في مصر، أدت بهم إلى السجن وانتهت بإعدام سيد قطب وانتقال شقيقه محمد قطب مع ثلة من رفاقه إلى المملكة، التي فتحت الأبواب للفارين آنذاك من الإخوان، ليقضي الراحل بقية عمره فيها (حوالى نصف قرن) معلماً وداعية ومحاضراً ومشرفاً على الأقسام والأطروحات العلمية والمناهج الدينية في المملكة، حتى تقدمت به السن وعانى من المرض إلى أن أدركته الوفاة عن عمر يناهز الـ95 عاماً صباح أمس. وبسبب المدة الطويلة التي قضاها محمد قطب في المملكة في مجال الدعوة والتعليم تخرجت على يديه أجيال عدة تأثرت به في أساليب الدعوة، كما تأثر هو بالجيل العلمي السلفي المعاصر له في السعودية، فانتقل من المذهب الأشعري ذي الميول الصوفية إلى عقيدة أهل السنة والجماعة، حتى إن تزكيات بعض علماء السعودية له في العقيدة أدت به إلى المشاركة في الإشراف على مناهج العقيدة والتوحيد التي شارك في تأليفها للمراحل المختلفة في التعليم بالمملكة. وكان محمد قطب أشرف على أطروحة الدكتوراه للشيخ سفر الحوالي التي حملت عنوان: «ظاهرة الإرجاء في العالم الإسلامي»، ولقي هذا الكتاب شهرة كبيرة نظراً إلى ما دار حوله من نقاشات بين التيارات في المملكة، بين متهم له بالمغالاة في الوعيدية، والتأثر بكتاب أستاذه محمد قطب «جاهلية القرن العشرين»، وبين مشدد على أن من يخالف الحوالي المتعمق في البحث العقدي السني يعاني من لوثة من الإرجاء، حتى انسحب هذا الخلاف على بعض التيارات السلفية في مصر والشام والعالم العربي والإسلامي. وزخرت حياة محمد قطب بعدد كبير من المؤلفات في مجال الفكر والدعوة الإسلامية، كان من بينها: «الإنسان بين المادية والإسلام»، و«جاهلية القرن العشرين»، و«واقعنا المعاصر»، و«منهج التربية الإسلامية»، و«حول تطبيق الشريعة». ويعد محمد قطب في نظر كثير من الباحثين الإسلاميين من التيار الصحوي وغيره، علامة فكرية بارزة وصاحب مؤلفات مهمة. ربما يرجع ذلك إلى عنايته بجانب الربط بين مضامين الدين والواقع المعاصر، لكن مما انتقده به خصومه من الإسلاميين المنتمين إلى بعض التيارات السلفية أنه كان يسعى بطريقة هادئة إلى التنظير لمدرسة إسلامية ذات طابع حركي، بيد أن مناصريه ينفون ذلك، ويرون أن محمد قطب كان من أبرز المفكرين الذين نبهوا باكراً إلى خطر الصدام مع الأنظمة السياسية في العالم العربي، وأنه كان يرى تأجيل مرحلة المواجهة في قضايا الحكم وتحكيم ما أنزل الله إلى أن تتم تربية المجتمعات على الفكر الإسلامي، مستدلاً على ذلك بقوله تعالى: «وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين». يذكر أن شخصية محمد قطب بقيت وراء الظل في الأعوام الأخيرة بسبب معاناته من المرض وكبر السن، وأن الجدل الذي أثارته تيارات مختلفة في برامج التواصل الاجتماعي حول وفاته كان بسبب الرمزية التي تمثلها شخصيته للأطراف المختلفة حوله، وليس لأثر حقيقي فاعل له في الساحة خلال الأعوام الأخيرة