تم انتخاب موريتانيا ممثلة في السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (هابا ) رئيسا للشبكة المتوسطية لهيئات الضبط خلال دورتها الأخيرة التي احتضنتها نواكشوط، وجاء هذا الانتخاب مصحوبا بعدة قرارات تبعث ديناميكية جديدة في الشبكة من بينها إنشاء لجنة للنوع تهتم بترقية تقديم المرأة عبر سائل الإعلام، وبقدر ما يضع اختيار موريتانيا رئيسا للشبكة المتوسطية على عاتق (الهابا) مسؤولية دولية، يضعها تشكيل لجنة للنوع أمام مسؤولية وطنية تتمثل في تصحيح الإختلالات التي يعاني منها الإعلام الموريتاني فيما يتعلق بمعالجة قضايا المرأة من جهة، وبموقع المرأة في المؤسسات الإعلامية من جهة أخرى.
لا يمكن حصر أخطاء منابرنا الإعلامية فيما يتعلق بالمرأة، لكن حتى تبدو الصورة واضحة سنركز على ملمح واحد من هذا الواقع هو المشاركة السياسية للنساء: كيف يتعاطى إعلامنا معها؟ و ماذا كانت النتائج؟
عرفت موريتانيا خلال الأشهر الماضية سباقين انتخابيين: تشريعي محلي وآخر رئاسي، و خلال هذين السباقين وكعادة الساسة في الحملات الانتخابية انهمرت الوعود بمنح المرأة مستوى جديدا من حقها في المشاركة السياسية وكان الإعلام شاهدا على المسار الانتخابي _بدء بالمراحل التمهيدية ممثلة في نتائج الحوار بين بعض الطيف السياسي حول قضايا كان من بينها الكوتا الانتخابية للمرأة، وانتهاء بالتصويت ، مرورا بالحملة _ هكذا وثق الاعلام جعجعة الساسة التي كانت للأسف محدودة الطحين، إذ تم تخصيص حيزمعتبر لموضوع المشاركة السياسية للمرأة إلا أن نواقص جوهرية شابت المعالجة فلم تكن النتائج في صالح القضية، ومن أبرز تلك النواقص :
حضور موضوع المشاركة السياسية للمرأة في المناظرات بين المتنافسين كإحدى أدوات تنويع الحوار وكسر الروتين لا غير .
عدم وجود صحافة متخصصة أدى إلى غياب التحليل الواعي لوعود الانتخابيين ومحاولة انتزاع اعترافات واضحة من طرف الساسة بشأن إشراك النساء وتحديد أرقام محددة تمكن الرأي العام خصوصا الناشطات في المجال من متابعة تلك الوعود حتى انجازها.
انعدام حيز ثابت في المسطرة البرامجية من طرف غالبية المؤسسات الإعلامية لموضوع مشاركة المرأة بشكل عام .
محدودية مناطق تغطية البث للإذاعات الحرة حد من جمهور الحلقات الحوارية التي خصصت للموضوع.
استبطان الصورة النمطية عن المرأة للكثير من الصحفيين والصحفيات تجلى في جميع المخرجات وأنتج رأيا عاما لا يثق في قدرات النساء ، أضف إلى ذلك فتح المجال السمعي البصري أمام أعداد كبيرة من الفتيات لم يتم تأهيلهن لممارسة المهنة ما قدم للمتلقي صورة مغلوطة عن المرأة وزاده بالتالي نفورا من وضع مصالحه في يد النساء.
رغم محافظة الحقائب الوزارية الموكلة للنساء على عددها في الحكومة الجديدة،إلا أن قراءة تحليلية لحصيلة المرأة في الانتخابات الأخيرة تؤكد أن الرأي العام بكل أطيافه يعارض المشاركة السياسية للمرأة إذ لم يحصل تقدم يذكر لنسبتها على مستوى الجمعية الوطنية 2006 ( 18%) _ 2013 (21% ) كما أن جل الثلاث والثلاثين سيدة اللائي ولجن الغرفة الأولى للبرلمان دخلن بقوة القانون فقد حملت اللائحة الخاصة بالنساء 20 منهن بينما حملت اللائحة الوطنية 20 ، بقيت 3 فقط وصلن عن طريق الاختيار الحر: من طرف الأحزاب على مستوى الترشيحات، و الناخبين على مستوى التصويت. لا غرابة في ذلك فالمشاركة السياسية للمرأة هي إحدى مجالات الوعي الحديث و يتطلب الوصول إليها مواجهة النظم التقليدية عبر الطرق الذكي على أبواب العقليات حتى يتحول المرفوض إلى مقبول والمحظور إلى واجب، وهذا لعمري هو دور الإعلام الذي يتعاظم تأثيره بشكل متسارع.
إن استحداث لجنة للنوع على مستوى الشبكة المتوسطية لهيئات الضبط_ التي باتت رئاستها في يد موريتانيا _ هي خطوة في الاتجاه الصحيح لكن لا بد قبل التحرك من تشخيص الأرضية عبر حوار صريح بين الفاعلين في مجال الإعلام يتم من خلاله تصحيح الرؤية وتحديد المسؤوليات ثم تبني خطة تكفل معالجة صحفية متوازنة لقضايا المرأة مع مراعاة إسناد أدوار للصحفيات تعطي للجمهور رسالة إيجابية حول قدرة النساء على النهوض بالمسؤوليات الجسام.
ميمه بنت محمد أحمد