آيات جودت
هل شاهدتم يوما عرض أزياء وحسدتم الفتيات الجميلات على رشاقتهن وثرائهن؟ هل تساءلتم يوما: ما مستقبل عارضات الأزياء اللاتي يظهرن على أغلفة أشهر المجلات العالمية؟ إن ظننتم أن هؤلاء الفتيات يعشن كأميرات مدللات للأبد فربما عليكم إعادة التفكير عند معرفة قصة إحداهن.
ناستازيا أوربانو واحدة من أشهر عارضات الأزياء في ثمانينيات القرن الماضي، كانت تعد أيقونة للجمال والموضة وقتها، عاشت كملكة واحتلت صورها أغلفة أشهر مجلات الأزياء والمنوعات، ولكنها اليوم مشردة في شوارع مدينة برشلونةالإسبانية.
السنوات الذهبية
وُلدت ناستازيا أوربانو في سويسرا لوالدين إسبانيين، ثم بدأت رحلتها في عالم عروض الأزياء من برشلونة، ومنها انطلقت إلى ميلانو بإيطاليا لتتصدر صورتها أغلفة مجلات الموضة، وانتقلت بعدها للولايات المتحدة وتحديدا نيويورك.
بدأت سنوات أوربانو الذهبية حين أصبحت صورتها واجهة لأشهر المجلات، مثل: “فوغ” و”نيو وومان” و”رد بوك”، وتحولت إلى وجه دعائي لعلامات تجارية عالمية مثل: “إيف سان لوران” و”غاي لاروش” و”ريفلون”، حتى أنها كانت تجني وقتها مليون دولار مقابل عشرين يوم عمل فقط.
تحكي أوربانو أنها كانت تتناول العشاء مع مشاهير السينما الأميركية، وأنها دُعيت لحفل زفاف “مادونا” و”شون بين”، كما أنها كانت الصديقة الحميمة لدافيد كيث، إلا أن كل هذه الأمور أصبحت من الماضي الآن.
زواج وإفلاس
بدأت حياة ناستازيا في الانهيار بعد زواجها الفاشل، الذي انتهى بالانفصال بعدما تسبب الزوج في إفلاسها، تحكي ناستازيا أن طليقها كان يستغل حبها له فيجبرها على شراء أغراضه باهظة الثمن مثل السيارة “بي إم دبليو” التي جعلها تشتريها له بعد تعرفهما بيومين فقط، وهي لم تكن تعترض من جانبها؛ فقد كانت ساذجة وواقعة في الحب، على حد قولها، فلم تعتقد أنه يستغلها.
كانت نستازيا تسدد مصروفات المنزل والأطفال وتتحمل كافة المسؤوليات المادية، حتى أفلست بعد سنوات قليلة من زواجها، فتركها الزوج لا تملك شيئا سوى ملابسها وأطفالهما، التي تقول عنهم إنهم أفضل ما حدث لها في هذه الزيجة السيئة.
اكتئاب وتشرد
في عمر 57، أي بعد نحو ثلاثة عقود من فترتها الذهبية، أصيبت ناستازيا بالاكتئاب وأصبحت في حال يرثى لها، ابتعد عنها الجميع، وطُردت من منزلها ثلاث مرات لعدم تسديد قيمة الإيجار، وعملت في عدة وظائف مثل مجالسة الأطفال وتنظيف المنازل، ولا تملك منزلًا في الوقت الحالي حتى أنها تسكن مع صديقة لها لفترة مؤقتة، وحين تترك منازل أصدقائها تفترش الممرات في شوارع برشلونة ليلا.
تؤكد ناستازيا أن أبناءها جيدون ويعتنون بها، لكنها لا تستطيع طلب المساعدة منهم وإزعاجهم، فابنتها تعاني بالفعل من نوبات قلق مرضية بسببها، كما أن أبناءها كبروا الآن، ويملكون حياة خاصة لا توّد تكديرها بمشاكلها، وتعبت من شظف العيش وتسوّل النقود من كل من تعرفهم، وكل ما تتمناه الآن أن تحيا بكرامة، وأن يصبح لديها منزل حيث يستطيع أحفادها أن يزوروها، وتمارس معهم دور الجدة بشكل طبيعي، وأن تكون محل فخر لعائلتها بدل أن تكون مصدرا دائما للقلق والإحراج.
مساندة الأصدقاء
علّقت الكثيرات من زميلات ناستازيا على الأزمة التي تمر بها، قائلات إنه أمر مؤسف حقا، فقد كانت واحدة من أيقونات الموضة في عصرها، وكان الجميع يحبها، كما أنها كانت محترفة وتجيد عملها، فقد عبّرت زميلتها السابقة روث شولر عن صدمتها مما وصلت إليه حال أوربانو التي لم يتوقعها أحد، قائلة إنها كانت أفضل من في مجال عرض الأزياء.
واقترحت عارضة الأزياء السابقة هيرناندو هيريرا أن تقوم بتعليم ناستازيا كيفية إدارة المؤتمرات والأنشطة المختصة بمجال الأزياء، واثقة من قدرة وكفاءة العارضة السابقة على إتقان مثل هذا الأمر.
من جانبه، دشّن دانيال ميرابال صديق ناستازيا حملة لجمع تبرعات لها عبر الإنترنت، محددًا الهدف بجمع ستة آلاف يورو، قائلًا إنه يعرف ناستازيا جيدا، وحفز الجميع على التبرع لها قائلا إنها لا تزال الشخص الجيد نفسه الذي طالما ساعد الجميع، وأنها كانت لا تتردد في التبرع بالنقود حين كانت تملكها.
حتى الآن تم جمع ما يزيد على نصف المبلغ، فنشرت أوربانو مقطع فيديو بالإسبانية والإنجليزية، تشكر فيه كل من تبرع لها.
وأسهمت صحيفة ألبايس الإسبانية في مساعدة العارضة السابقة، وأعدتها لمواجهة الكاميرا عبر جلسة تصوير خاصة للصحيفة لعرض مجموعة من الأزياء.
حالة ناستازيا أوربانو ليست الأولى، وبالتأكيد ليست الأخيرة، ولكنها دلالة على مدى هشاشة حياة المشاهير، التي تنقلب في أيام قليلة رأسا على عقب.
المصدر : الجزيرة