صحيفة المرآة نعكس الواقع كما هو
تستعد موريتانيا لقطع خطوة حاسمة في استراتيجيتها الرقمية. حيث تتواجد حاليًا بعثة مشتركة من وزارة التحول الرقمي ومجموعة اتصال دولية تضم برلمانيين، في فرنسا، من أجل الدفع قدمًا بالمشروع الوطني لإطلاق الأقمار الصناعية الصغيرة (النانو ساتيلايت)، وهي مبادرة غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
ويشرف على هذا البرنامج الوزير أحمد سالم ولد بَدّه، ويهدف إلى تحديث البنى التحتية للمراقبة، وتعزيز أمن التراب الوطني، وتوسيع نطاق الاتصال الرقمي ليصل إلى المناطق الأكثر عزلة.
مشروع يحظى بدعم على أعلى مستوى
من بين أبرز الداعمين لهذا التحول التكنولوجي، يبرز النائب محمد فاضل سيدي عبد الله، وهو مدافع قوي عن السيادة الرقمية والابتكار.
ويقول في هذا السياق:
“الابتكار ليس رفاهية بالنسبة للدول الإفريقية، بل هو مفتاح استقلالها الحقيقي.”
وتأتي هذه المبادرة ضمن رؤيته لموريتانيا حديثة، تثق في كفاءاتها، وقادرة على التحكم في تكنولوجيات المستقبل.
خيار استراتيجي بآثار متعددة
وغالبًا ما يُنظر إلى الأقمار الصناعية الصغيرة على أنها استثمار مكلف، لكن اللجوء إليها يُعد في الواقع قرارًا عقلانيًا ومربحًا.
فكلفتها، التي تتراوح بين 50,000 و100,000 دولار، تُعد منخفضة مقارنة بالتطبيقات العملية التي تقدمها، مثل:
- المراقبة الزراعية لتحسين إدارة المياه وزيادة الإنتاجية؛
- مراقبة الحدود لتعزيز الأمن القومي؛
- الرصد البيئي للمساهمة في مكافحة التصحر.
وبفضل هذه الأدوات، ستحصل موريتانيا على وسيلة فعالة للتخطيط والحُكم، تساهم في توجيه السياسات العمومية وتحسين استخدام الموارد.
منصة لتعزيز الكفاءات المحلية
يتجاوز هذا المشروع مجرد إطلاق أقمار صناعية، إذ يطمح إلى تكوين جيل جديد من المهندسين والفنيين الموريتانيين.
وسيتم تدريب هؤلاء المتخصصين في الخارج، على أن يُشكلوا لاحقًا نواة خبرة وطنية في مجال هندسة الفضاء ومعالجة البيانات الفضائية.
ويمثل هذا التحول في نقل المهارات خطوة حاسمة نحو ضمان الاستقلالية التكنولوجية لموريتانيا على المدى الطويل.
موريتانيا في قلب الديناميكية الإفريقية
من خلال هذا البرنامج، تنضم موريتانيا إلى التيار التكنولوجي السائد في القارة، حيث أطلقت 18 دولة إفريقية حتى الآن 67 قمرًا صناعيًا، حسب منصة Spacehubs Africa.
ويأتي هذا المشروع في سياق توجه إفريقي أوسع نحو تملك التكنولوجيا الفضائية، في خدمة التنمية المستدامة والسيادة الرقمية.
مشاركة فاعلة في مؤتمر أوروبا–إفريقيا
وبتوجيه من الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية واللامركزية والتنمية المحلية، المكلف باللامركزية والتنمية المحلية السيد يعقوب ولد سالم فال، شاركت بعثة رفيعة من العمد يقودها مدير ديوانه في هذا الحدث الكبير، وهو مؤتمر أوروبا–إفريقيا المنعقد يومي 6 و7 أكتوبر، الذي يهدف إلى تعزيز التنمية المحلية.
إرادة قوية لمستقبل واعد
بعيدًا عن أن يكون مجرد إعلان إعلامي، فإن هذا التوجه يُجسد إرادة صلبة للتحكم في أدوات المستقبل وفتح آفاق جديدة أمام الشباب الموريتاني في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
نحو موريتانيا تنظر إلى السماء دون أن تغفل عن الأرض
من خلال هذا الرهان على الفضاء، تراهن موريتانيا على العلم والسيطرة التكنولوجية.
فالنجوم، التي كانت يومًا رمزًا للأحلام، أصبحت اليوم حليفة للتنمية الوطنية والتحول الرقمي في البلاد.
فاطمة صو دينا