منذ اقترب موعد المؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، بدأ المكتب التنفيذي للاتحاد الإجراءات الاعتيادية للتحضير لهذا الحدث الهام، وقرر فتح باب الانتساب أمام المواهب الأدبية إثراء للاتحاد، رغم أن باب الانتساب ظل مفتوحا بشكل عادي أمام الأدباء، طيلة المأمورية المنتهية، إذ يحق لكل موريتاني الانتساب إلى الاتحاد وفق الإجراءات القانونية التي يحددها نظامه الداخلي.
وقد عين المكتب التنفيذي لجنة بالإجماع لدراسة والبت في طلبات الترشح للعضوية.
إلا أن المفارقة تمثلت في أمور كثيرة من بينها:
أولا، لم يتقدم شخصيا بطلبات الانتساب إلا قلة قليلة من الأشخاص.
ثانيا، قامت الكتل المتنافسة انتخابيا بإغراق الاتحاد بطلبات تنسيب أحضرت ملفاتها في خشنات وفي كراتين، حتى ليخيل للملاحظين أن مقر الاتحاد تحول إلى مستودع لتخزين البضائع.
وبالتالي فإن أكثر من 90% من ملفات الترشح تم تقديمها بالنيابة من طرف الكتل الانتخابية، ولأغراض انتخابية واضحة.
في يوم الخميس الموافق 04/16/ 2015 وعند الساعة التاسعة صباحا بمقر الاتحاد في تفرغ زينة، اجتمع أعضاء لجنة الانتساب للبت في ملفات الترشح للعضوية، وكانت المفاجأة أنه لم يوجد ملف ترشح واحد أكمل الشروط القانونية المنصوص عليها في الفقرات أدناه من النظام الداخلي.. هل تقوم الجنة بإجازة ملفات ناقصة قانونيا؟
كما أن أغلب النصوص المقدمة كانت نصوصا فاقدة لأبسط شروط الأهلية الأدبية سواء من حيث الوزن أو اللغة، وظهر أن بعضها نصوص مسحوبة من الانترنيت، وحتى من مؤلفات أدباء رحلوا عن عالمنا. وبالطبع كانت هناك ملفات لأدباء معروفين في الساحة لكنها كانت ناقصة الشروط، فيما كانت الغالبية العظمي من ملفات الترشح الناقصة الشروط القانونية ملفات لأشخاص غير معروفين في الساحة ولم يسبق لهم أي إنتاج أدبي معروف، أو ظهور في أنشطة الاتحاد، الذي كان مهرجانه السنوي الذي يستقطب أكبر كم من الأدباء لا يتجاوز عدد المشاركين فيه قرابة 150 مشاركا.
وبناء على ذلك قامت اللجنة باتخاذ قرار بعدم تنسيب أي عضو لم يكمل شروط الانتساب. واللجنة بذلك اتخذت قرارا تاريخيا بعدم إغراق الاتحاد، وعدم الدخول في اللعبة الانتخابية.
إن التقدم، ب 400 ملف طلب انتساب ودفعة واحدة، لم يتحرك أصحابها منذ عشرات السنين للانتساب إلى الاتحاد أو حتى المشاركة في أنشطته، لأمر يدعو للريبة والشك، أن البعض أراد استغلال الانتساب (الملغي) من أجل تقوية صفه الانتخابي، ولأغراض لا تخدم تحويل الاتحاد إلى مؤسسة ثقافية فاعلة، على غرار ما تطمح إليه النخبة الإبداعية في البلاد.
فما هي هذه الغيرة على الالتحاق بالاتحاد في ظرفية انتخابية، والسباق على نيل عضويته، وكأنها بطاقة تذكرة إلى الجنة،.. إن ذلك لا يتجاوز محاولة إغراق الاتحاد بمنتسبين وهميين على غرار لوائح بعض الأحزاب السياسية.
كما أن إرادة إغراق الاتحاد بالدواعش والبشمركة الأدبية، وبث الفرقة بين صفوفه أمام مؤتمره العام، أمر خطير يراد منه تكرار السيناريوهات، التي أدت إلى الانشطارات النووية في الساحة النقابية الوطنية، والتي من أبسط نتائجها تفكك النقابات العمالية إلى 19 نقابة وستزيد. والصحافة إلى 12 تنظيم وستزيد، والطلاب إلى عشرات الاتحادات.. وهلم جراء.
إن اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، هو المنظمة الوحيدة الصامدة في وحدتها منذ أكثر من أربعين عاما، وذلك بفضل تضحيات الجيل المؤسس والجنود المجهولين في الاتحاد، وإن مساعي تفكيك الاتحاد لأغراض نتخابية، ولإبقاء هذه المؤسسة قيد التسيير المشخصن أمر غير مقبول، ولن تبرره أي دعايات مغرضة وادعاءات زائفة تدعي الغيرة على الاتحاد وعلى مستقبله، وتحاول الإبداع في التنسيب بدل تحكيم مصلحة المؤسسة التي تشكل الروح الجوهرية لهوية البلاد.
وفي اجتماع المكتب التنفيذي (مساء الجمعة 17 إبريل 2015، بحضور الأغلبية المطلقة من أعضائه، اتخذ المكتب بأغلبية الحضور قرارا بالمصادقة على قرار لجنة الانتساب، القاضي بالعودة للائحة الأصلية للجمعية العمومية (16 إبريل 2012)، وذلك إبراء للذمة من أي عملية انتساب غير شرعية، كما اتخذ المكتب التنفيذي بالأغلبية قرارا باستدعاء الجمعية العامة للاتحاد يوم السبت 25 إبريل 2015.
إن التباكي على رفض تنسيب الإغراق، يعرف ذلك في الأدبيات القانونية ب”تنسيب المؤتمرين”،، وبملفات غير مكتملة الشروط قانونيا، والشوشرة الإعلامية، ولجوء بعض الأطراف للبلطجية الخطابية، وتغليب لغة الغوغاء، ومحاولة دفع الاتحاد للتسييس وللفئوية، بل وظهور طرح أسري وجهوي لأول مرة، وموجة السباب والشتائم في حق رموز أدبية شامخة، وغير ذلك من أساليب غير أدبية، إنما يدلّ على شيء واحد هو أن البعض لا يقبل التفريق بين نقابة أدبية، وبين مطامحه الشخصية، ومن أجل ذلك يرفع شعار أنا والطوفان من بعدي.. ونحن نقول الاتحاد من قبلنا ومن بعدنا.. وحان الوقت ليفهم الجميع أن أموال الاتحاد هي وقف ويجب أن يأخذ مجراه في مشروع أدبي ثقافي فاعل، لا في تظاهرة فولكلورية يتيمة سنويا.
ومن أجل ذلك، رفضت أغلبية المكتب التنفيذي “حملات الانتساب غير الشرعية”، وكان يمكن للمكتب التنفيذي، بل من السهل، أن يغرق الاتحاد بالمنتسبين الموالين لأغلبيته لو كان مسعاه غير نزيه.. أو أراد استغلال الوضع لصالحه انتخابيا.
تجب الإشارة إلى أن الجميع متساوون في قضية الانتساب فكل من لم يلبي ملفه الشروط القانونية للانتساب يعتبر انتسابه لاغيا إلى أن يفتح مجال جديد للانتساب ويكمل ملفه حينها.
أخيرا، تجب الإشارة إلى أنه لا أحد فوق القانون وأن الأسماء الإبداعية الكبيرة ستظل كبيرة في عين الاتحاد وهو الذي دأب كل عام على تكريم العشرات منها حتى أولئك الذين لم ينتسبوا للاتحاد.
لكن هؤلاء الكبار يتفهمون بحكم رمزيتهم ما الذي يعنيه قرار احترام القانون، وسيظل الاتحاد مشرعا أمامهم في مناسباته الكثيرة والتي يتم الإعلان عنها وفقا لمساطره القانونية.
وهناك ملاحظة مهمة وهي أن الترشح لهيئات الاتحاد لا تشترط فيه العضوية.. فيمكن لأي أديب من خارج أو داخل الاتحاد دخول هيئاته إذا انتخبته الجمعية العمومية لأي منصب.
وفق مسؤوليتي، هذا ما أردتُ توضيحه، دون الدخول في تفاصيل لا تخدمُ أحدا.. ولأن الجميع في الاتحاد يعرفُ أنني من أكثر الناس سعيا لوحدة الاتحاد، وتقديرا لنخبتنا الأدبية والثقافية، والتي أفتخرُ بها كل الفخر.
المختار السالم
عضو المكتب التنفيذي باتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين
أمين الإعلام