لم تكن محنة الصبي المغربي “ريان” ، رحمه الله تعالى وألهم عائلته صبر الفاجعة ، إلا درسا عالميا سيستلهم عبر التاريخ كأسمى نموذج للتعامل البشري في مواجهة المآسي والمحن في مشهد بطولي إلتحمت فيه القمة بالقاعدة لصنع أرقى الأساليب لمواجهة الأزمات والكوارث .
ورغم الضغط المعنوي والتوتر النفسي الذي ولده الظرف ، كان التعاطي الرسمي المغربي في أروع الصور ، فكانت مواجهة التحدي على مستوى حجم الأمة ، فسخرت الوسائل والامكانات المادية والبشرية طيلة أيام خمس ، حبس فيها العالم أنفاسه انتظارا لنتائج الملحمة البطولية التي كان عنوانها الابرز التضحية والتفاني لفرق الحماية المدنية والطواقم الطبية والامنية .
وهكذا شكل التنسيق المحكم ، لعشرات المهندسين و التقنيين و الخبراء و رجال الحماية المدنية وتجهيز الآليات الضرورية من سيارات الاسعاف والطائرات المروحية ، أبهى نموذج في تسخير الممتلكات العامة لخدمة المواطن ، حتى ولو كان شبلا في عمر الزهور ، ينحدر من أسرة كادحة تفتقر النفوذ بعيدة من عالم الارستقراطية ، ولتحول المأساة إلى تآزر دولي منقطع النظير ، صرف أنظار الرأي العام الدولي عن مواضيع الساعة ، ليبقى الحديث طيلة أيام الحفر ، منصبا عن عدد الأمتار التي تفصل فرق الإنقاذ عن مكان استقرار الطفل داخل البئر .
وشكل التعامل المغربي نموذجا ، عكس قوة التعاطف العالمي مع مأساة الأسرة المغربية المفجوعة ، وكان سببا رئيسا في حجم موجة التعاطف العالمي .
وقدر الله وماشاء فعل ، أسلم الطفل “ريان” الروح لباريها ، بعد أن استنفدت كل الطاقات وبذل الغالي والنفيس من أجله ، ليختاره الله الى جواره تغمده الله بنعيمه المقيم وجعله ذخرا لوالديه وللمملكة المغربية الشقيقة ملكا وحكومة وشعبا .
إنالله وإنا إليه راجعون