فى مسقط رأسها بمدينة حلب، كانت “لورى” معجزة موسيقية صغيرة، والدتها راقصة شعبية سورية من الرقة، ووالدها موسيقى. تعلمت فى سن مبكرة كيف تمسك الكمان وكيف تعزف بأصابعها الذهبية عليه بعذوبة واحترافية، وتنقل تراث بلادها من خلال الموسيقى. ولكنها الآن تكتفى باستخدام أصابعها الذهبية فى حياكة “تى شيرتات” رخيصة، داخل مصنع صغير فى تركيا، هو فى الحقيقة عبارة عن قبو ضيق تقضى داخله 10 ساعات يوميًا وتكسب أقل من دولار فى الساعة وهى لا تزال فى الخامسة عشرة من العمر، بعد أن اضطرت وعائلتها إلى الخروج من سوريا هربًا من القصف وهى فى سن 11 عامًا. وبالطبع أغُلقِت مدرستها وتفرق معلمو الموسيقى الذين تربت على يديهم فى جميع أنحاء أوروبا، أما الكمان الخاص بها، فهو تحت الأنقاض. عزفت “لورى” للمرة الأخيرة على الكمان قبل أربع سنوات، وكل ما تحلم به الآن هو الانتهاء من دراستها، إلا أن وضع أسرتها المالى لا يسمح لها بذلك، حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، وقالت “لورى”: “نعيش فى شقة ضيقة باسطنبول، مع أسرة لاجئة سورية أخرى. عندما أرى الطلاب يذهبون إلى المدرسة أشعر بالغيرة، وأشعر بالغضب الشديد خاصة من أجل أخى الذى يبلغ من العمر 13 عامًا ولم يتلق أى تعليم تقريبًا”.
قصة “لورى” المؤلمة سلط عليها الضوء مشروع فولر (Fuller Project) لإعداد التقارير الدولية، مشيرًا إلى أن “لورى” مثلها مثل آلاف الأطفال الذين يفقدون طفولتهم بسبب الحرب، بين العمالة المبكرة والتسرب من التعليم والزواج المبكر، لافتة إلى أن ما تلاقيه الفتيات فى ورش صناعة المنسوجات لا يقتصر فقط على الإجهاد والضغوط، إلا أن الكثير من الفتيات يتعرضن للتحرش الجنسى والعنف فى هذه الورش. وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن صناعة الملابس التركية تشتهر بعمالة الأطفال، وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى مليون طفل منخرطون فى هذه الصناعة فى عام 2011، ربعهم من الفتيات، ويبلغ الحد الأدنى للأجور لهم 1300 ليرة تركية شهريًا، أى ما يعادل 454 دولار.