10 سنوات قطعها على قدميه وإلى جواره عربة يجرها حمارين، من ألمانيا، انطلق مارا بثمانى دول حاملا أسئلته عن الله وعن أسباب الوجود قاصدا الوصول إلى مدينة القدس التى وقف له جيش الاحتلال الإسرائيلى على أبوابها، فقرر المكوث فى المكان الذى لم يقابل أجمل منه مثلما قال منذ خروجه من ألمانيا وحتى وصل لها. كوزموس بيرنهارد، رجل ألمانى جاء إلى مصر من بلاده مشيا على الأقدام، بصحبة حمارين وعربة صغيرة تحمل أمتعته، ويعيش منذ أن وصل فى مدينة سانت كاترين فى منزل صغير يعرف قصته جميع أهل المدينة. يقول كوزموس: بدأت الرحلة من ألمانيا وذهبت منها إلى النمسا، ومن النمسا إلى المجر إلى رومانيا فبلغاريا، وبعدهم إلى تركيا ثم الأردن، وأخيرا كانت مصر، حيث منعتنا القوات الإسرائيلية من دخول القدس. ويتابع: سانت كاترين هو المكان الأجمل الذى شاهدته منذ خرجت رحلتى من ألمانيا، لذلك قررت المكوث فيه على أمل أن يأتى اليوم الذى أتمكن فيه من دخول القدس. عربة عتيقة ما زالت تتوسط منزل الرجل الستينى تشهد على رحلته الطويلة، فوقها تتراص صور أهداها له من مر بهم فى رحلته، وبداخلها بعض المستلزمات التى أصبح يستعملها فى المنزل، وفى خلفية المنزل ما زال والحمار الذى وصل به إلى مصر ينتظر أن يأتى يوم استكمال رحلتهم. عربة الرجل العجوز صممها قطعة قطعة بنفسه، فهو مثلما يحكى، يحترف النجارة ويعمل بها فى كثير من الأوقات، لذلك صمم العربة لتصبح حاوية لمستلزمات الصفر الذى امتد سنوات طويلة وفى نفس الوقت طاولة يمكنه الجلوس حولها للحصول على الطعام..ويقول “كوزموس”: خرجت من ألمانيا عام 1997 ووصلت إلى مصر عام 2007 ومنذ ذلك الوقت وأنا هنا. أبو سالم، هو جار للرجل الألمانى ويقول: “كلنا تقريبا عارفين حكايته من ساعة ما دخل للمدينة بالعربية والحمار وبدأ يعيش معانا، معظم تعاملاتنا معاه بتكون بالحب هو بيدينا هدايا وحاجات بيعملها لأنه أصلا نجار واحنا كمان ما بنأخرش عنه أى حاجة، وقليل جدا لما بنتعامل بالفلوس”. ويقول كوزموس: أهل المكان هنا بهم طبيعة مبهرة فى الغالب جاءت لهم بفعل سحر المكان والقدسية التى تحيط به فى كل مكان، وهم فى الحقيقة يضيفون لجمال بلدهم جمالا من نوع خاص هو جمال الناس الذين يمكن أن تتواصل معهم بالإحساس والقلب حتى لو كنت لا تفهم لغتهم ولا يفهمون لغتك.