من المفارقات العجيبة والغريبة في بعض مدننا المغربية احتضانها لتظاهرات كبرى واستقبالها لزوار من العيار الثقيل في حين تجد المدينة نفسها مهملة وبنيتها التحتية مدمرة، ولا وجود لأي مظاهر تجعلك تشعر انك في مدينة بالمعنى الحقيقي للكلمة، والغريب في الأمر ايضا اصرار المسؤولين على الحفاظ على هذه المهرجانات في موعدها السنوي في غياب تام لمحاولة تطوير المدينة التي تفتح ابوابها المهترئة في وجه ضيوف من كل حذب وصوب.
الطانطان احدى هذه المدن التي تنهض مع موسمها السنوي وتنام بعده في سبات عميق بعد ان تزول مظاهر الزينة، وينكشف وجهها الحقيقي الذي لايخفى على احد.
لسنا هنا بصدد الحديث عن موسم الطانطان فهذا موضوع اخر ولكن عن الارض التي تحتضنه كل سنة، ويتركها على حالها، كما في كل مرة، لايخلف وراءه الا عمالا للانعاش يتكفلون بجمع خيام وقمامات كثيرة خلفها زوار الموسم، ما الذي تضيفه المهرجانات لمدن لاتتغير ملامحها نهائيا؟ لماذا لا نجعل منها مناسبة لبناء منشآت سياحية وثقافية واقتصادية تساعد المدينة على النهوض من التعب الذي انهكها وضيع ابناءها؟
الزائر للمدينة يشعر انه أمام مدينة لاملامح واضحة لها، منهكة، غارقة في البؤس، اذا بحثت عن فضاء جميل لتجلس فيه لن تجده، لاوجود لمظاهر الحياة العادية، مدينة تحتضن موسما سنويا يقام له ويقعد، ويأتيه أعضاء الحكومة تباعا والزوار الكبار ماديا ومعنويا لاتتوفر على فندق واحد مصنف، لاتتوفر على مقاهي ومطاعم محترمة، لاتتوفر على طرقات تمشي عليها السيارات الفارهة التي تاتي بضيوف المهرجان، لاتتوفر على مراكز ثقافية ولا علي مسارح ونحن نحكي عن مهرجان ثقافي، كل هذه الأسئلة وغيرها تزاحم تفكيرك وانت تتجول في المدينة، وانت تنصت لمعاناة سكانها، ومثقفيها.
كل الامور اللوجيستيكية التي يحتاجها المهرجان تأتي محملة من خارجه، لامنفعة للسكان في هذا الامر باي شكل من الأشكال.
عندما ينتهي مهرجان الطانطان لايعود الضيوف فقط بل تعود معهم “ريما لعادتها القديمة” وتعود المدينة لتستكين لقدرها المتمثل في نوم القائمين عليها.
بقلم الصحفية : حجيبة ماءالعينين
المقال نقلا عن صحيفة “المصدر ميديا” المغربية