أعاد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، الطائفة الأيزيدية إلى الواجهة من جديد، وذلك بعد الهجوم الذي قاده التنظيم على منطقة سنجار في شمال غرب العراق والحصار الذي يفرضه عليها ضمن حملته للسيطرة على المزيد من المناطق العراقية بعد الاستيلاء على الموصل.
والسبب وراء الهجوم الذي يتعرّض له الأيزيديون اليوم على يد “داعش” وفي السابق على يد الجهاديين، هو ديانتهم الفريدة من نوعها. فهي مزيج من ديانات عدة مثل اليهودية والمسيحية والإسلام والمانوية والصابئة وتختلف معتقداتهم ورموزهم الدينية عن الديانات السماوية الثلاث، فهم يعتبرون الله ربهم ولكنهم يؤمنون بأن الملك على الأرض هو الطاووس الذي يعتقدون بأنه يحكم الأرض بمعية سبعة ملائكة خاضعة للرب الأعلى، ولديهم طقوس خاصة بهم ويشتهرون بصناعة الكحول والحلويات المنزلية. وبسبب معتقداتهم غير المألوفة، غالباً ما يشار إليهم بغير وجه حق على أنهم “عبدة الشيطان.”
ويقدّر عدد الايزيديين في العالم بحوالي 2.5 مليون نسمة موزعين على عدد من الدول مثل تركيا وإيران وجورجيا وأرمينيا، ولغتهم الأم هي الكردية وهي لغة صلواتهم وأدعيتهم وطقوسهم وكتبهم الدينية ولكنهم يتحدثون العربية أيضا، وقبلتهم هي لالش بالموصل شمال العراق حيث الضريح المقدس للشيخ عدي. ويعتبر الأمير تحسين بك من كبار شخصيات الديانة الايزيدية في العراق والعالم.
وفي العراق يبلغ عدد الأيزيديين حوالى 350 ألف نسمة يعيش معظم أفرادها في الشمال قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار والقرى المحيطة به وكذلك قضاء زمار، ويشكلون 70 في المئة من سكان قضاء سنجار حيث يبلغ عددهم 24 ألف نسمة.
وتعرض أتباع الديانة الأيزيدية على مر التاريخ للإضطهاد والمجازر بسبب فتاوي التكفير والخروج عن الدين، بدءأً من أيام مير جعفر الداسني، إلى حملات القرنين السادس والسابع عشر ومن ثم حملات ولاة بغداد العثمانيين، مروراً بحملات الأنفال في العراق خلال فترة 1963 -2007 وفتاوي المتطرفين، وإحلال هدر دم الايزيديين ونكبة سنجار آب (أغسطس) 2007.
خطر “داعش”
مع توسّع نفوذ “داعش” في العراق وبعد تهجيره المسيحيين من الموصل، اقتحم مقاتلو التنظيم سنجار وانسحبت قوات البيشمركة الكردية منها، ما أدى الى فرار نحو 200 ألف من سكان المنطقة منها، الى الجبال المجاورة، وهم الآن محاصرون في تلك الجبال بدون غذاء أو ماء، أو رعاية صحية في جو الصيف الحار.
ومع اشتداد الحصار على سنجار، ارتفعت صرخة النائب الوحيدة التي تمثل الطائفة الأيزيدية في البرلمان فيان دخيل بعبارة “أنقذونا نحن نذبح تحت راية لا إله إلا الله” في مداخلة أبكت نواباً عراقيين قبل أن تنهار في نهايتها ويعينها زملاؤها على الوقوف.
وسلّطت النائب في كلمتها الضوء على عمليات القتل والخطف والتهجير التي يتعرض له الأيزيديون في سنجار حيث قالت إن المتطرفين خطفوا ما بين 520 الى 530 امراة وفتاة ، بعضهن مع اطفالهن، من اهالي سنجار يحتجزونهم حاليا في سجن بادوش في الموصل (350 كلم شمال بغداد) بينما قالت الأمم المتحدة إن اربعين طفلا من الاقلية الايزيدية توفوا نتيجة “لأعمال العنف والتهجير والجفاف ” في سنجار.
وحذرت دخيل في تصريحات لاحقة من أن يومين فقط هي المدة المتبقية لإنقاذ الأيزيديين قبل أن تقع عملية موت جماعي نتيجة الحصار المفروض والذي يمنع الماء والطعام عنهم، بينما حذرت الأمم المتحدة من “مأساة إنسانية” هناك.
هذه التحذيرات دفعت الولايات المتحدة إلى توجيه ضربتين جويتين على مواقع تنظيم “الدولة الاسلامية” في شمال العراق، كما قامت طائرات عسكرية أميركية بإلقاء حاويات تضم ماء وعشرات الآلاف من رزم المواد الغذائية “لآلاف المواطنين العراقيين المهدّدين من قبل الدولة الإسلامية (داعش) في جبل سنجار”. ووصلت قوات من “البيشمركة” إلى الأماكن التي ألقيت فيها المساعدات الغذائية بهدف توزيعها على المحتاجين.
ولكن ليس واضحاً بعد ما إذا كانت هذه الغارات أو المساعدات ستكون كافية لإنقاذ آلاف الأيزيديين الذين يهددهم “داعش” لا سيما أن شهوداً قالوا اليوم السبت لـ”رويترز” السبت إن متشددي تنظيم “الدولة الاسلامية” يهددون بقتل اكثر من 300 أسرة من الأقلية العرقية الأيزيدية ما لم يعتنق افرادها الإسلام.