يحتضن فضاء التنوع الثقافي والبيئي بنواكشوط هذه الأيام الحدث السينمائي الأكبر في موريتانيا والذي تنظمه دار السينمائيين وهو مهرجان نواكشوط للفلم القصير حيث تم عرض العديد من الأفلام في اليومين الأولين أغلبها يشارك في المسابقات الدولية والوطنية ومسابقة الورشات التي يتنافس فيها الهواة.
أفلام ليلة الافتتاح .. الليلة الأولى
وقد عرض في اليوم الأول 23-10-2014 للمهرجان الفلم المصري المشارك في المسابقة الدولية “ضفاير” لمخرجه جون إكرام والذي كانت مدته 15 دقيقة تحدث فيها الفلم عن حياة الفتاة المصرية الطامحة إلى الحرية والخروج من دوامة العقد والقيود الذاتية والمجتمعية.
كما عرض على شاشة مهرجان نواكشوط للفلم القصير في ليلة الإفتتاح الفلم الموريتاني “حلوتي فرنسا” لمخرجه عبد الله جاه، ومدته 3 دقائق سرد فيها المخرج اليافع معاناة الشباب المغتربين في فرنسا على شكل كتابة رسائل لصديقه في أرض الوطن، منتقدا بطريقة فنية راقية المعاملة التي يلقاها المهاجر والمصاعب التي تلاقيه بعيدا عن أهله ويسابق هذا الفلم ضمن المسابقة الوطنية إلى جانب فلم 1637 لمخرجه حمادة سيداتي والذي اتخذ الفنتازيا التراجيدية بصمة واضحة في فلمه الذي ربط بين عالم الوهم والشكوك والكوابيس مع مؤثرات موسيقية أثرت بشكل إثارة على الجمهور.
فلم تمبكتو أو مفخرة الموريتانيين حسب تعبير وزيرة الثقافة والصناعة التقليدية فاطمة فال الصوينع كان حاضرا على شاشة المهرجان حيث استحوذ على تركيز الجمهور الغفير من سكان نواكشوط وضيوف المهرجان والمشاركين، ويذكر أن فلم تمبكتو للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساغو رشح لجائزة الأوسكار.
أما الفلم الأردني “تاء مربوطة” لمخرجه إيهاب الخطيب ضمن أفلام مهرجان كرامة في الدورة التجريبية فقد كان حاضرا على شاشة دار السينمائيين بدفق إنساني شديد بسبب موضوع الفلم التسجيلي الذي ولد تعاطفا من لدن الجمهور حيث سرد قصة حرمان الآلاف من المواطنين العرب والأردنيين من الانتماء لبلدانهم بحصولهم على جنسيته، وعبر المخرج عن مقصده بشكل إبداعي من خلال استغلال إيحاءات إطار كإطار اللوحة الذي لف وجوه من يعانون كأنها سجن أو زاوية ضيقة من خلالها ينظر إلى هؤلاء المحرومين.
والفلم الأخير الذي تم عرضه في ليلة المهرجان الأولى كان فلم المخرجة الشابة نبغوها بنت زيدان بعنوان: “خريف” والذي يحكي قصة رجل خمسيني يعيش تحت وطأة صدام حقيقي بين حضارتين احتضنته إحداهما مدة 22 عاما، لتقذف به روح الانتماء إلى الأخرى في أرض قابلته بالرفض من طرف كل الأشياء فيها حتى المناخ والطبيعة، وقد مثل دور البطولة فيه الممثل والمخرج الموريتاني المعروف سالم دندو، وصوره المختار ولد إبراهيم.
أفلام الليلة الثانية من المهرجان
بدأت ليلة المهرجان الثانية 24-10-2014 بعرض فلم “الأرض البيضاء” لمخرجه من كردستان العراق الذي يدخل المسابقة الدولية إذ تم اختيار موقع تصوير متجمد كان مسرح أغلب مشاهد الفلم، وتركز الأداء على اللعب التخيلي للكرة في ملعب خال من اللاعبين ومن كرة نفسها، كما بحث الممثل عن ما يخفيه الثلج تحته من أرضية الملعب الذي طمرته الثلوج في إشارة إلى البحث عن الحقيقة واستجلاء المستور.
وكان الوثائقي للمخرج محمد الددة بعنوان” بورات .. مثلث الأمل” أحد الأفلام المترشحة في المسابقة الوطنية إذ مثل مرآة عليها عكست صورة مثلث الفقر في وسط موريتانيا، وعليه سلط المخرج الضوء مبينا معاناة مواطنين انقطعت بهم السبل بعيدا عن مراكز الخدمات ويعيشون فقرا مدقعا، وانعداما للبنى التحتية والتمويلات التي من شأنها مساعدتهم في زراعتهم، والتوفر على مصادر للمياه، وفي نفس المسابقة شارك فلم “الرقم” الذي أخرجه الشاب ينج محمد والذي سرد من خلال الكثير من التراجيديا الفنتازية مأساة عدد من الشبان وقعوا ضحية شؤم التاريخ في مكان مقطوع استدرجهم إليه القاتل ليقضي عليهم واحدا تلو الآخر بعد أن تحدد تاريخ يوم 7من شهر 7 في السنة وقابل ذلك كونهم 7 أفراد مما جعلهم حسب نظر الفلم عرضة للموت على يد السفاح الذي يختار ضحاياه في ذلك التاريخ.
وكان الفلم الياباني الضيف الذي تحت عناون “الابن يشبه أباه” للمخرج هيروكارو كوريدا على امتداد ساعتين من العرض على شاشة المهرجان متحدثا عن الظروف التي تعرف فيها أب على إبنه بعد فترة الفراق إثر غلط في تبادله مع وليد آخر في المستشفى أثناء ولادته، ويحاول الأب تحسس ملامح شبه ابنه “كيتا” به، الأمر الذي لا يسفر عن نتائج إيجابية للأب، مما يجعله يشكك في شبهه له، لكن سرعان ما تنفيه صور التقطها الابن لأبيه ليراها الأب والتي يظهر فيها نائما تماما كما ينام الطفل “كيتا” مما جعله يتأكد من شبهه به ويعتذر لولده، ويمتلئ الفلم بعاطفة الحنان الأبوي وطرق حضارية في تربية الأولاد والاعتناء بهم.
ويمثل فلم مقصات للمخرجة الإيطالية ماريا ديزارا أحد أفلام الدورة التجريبية لمهرجان كرامة لحقوق الإنسان والذي تعرض في المهرجان ولا تشارك في المسابقة، وتعتبر قصة الفلم مستوحاة بحرية من قصة حقيقية جرى في محيط مدينة نابولي في يوليو 2012، ويعبر الفلم عن “ظاهرة العنف ضد المرأة التي تضرب في أكثر الأماكن غير المتوقعة وتنتشر منبثقة من أهوار الصمت بالتناسب مع درجة التحرر والحرية التي تصل إليها النساء” حسب تعريف الفلم المرفق به.
ويعتبر فلم متاهة لمخرجه الموريتاني محمد سيد أحمد المشارك في مسابقة أفلام الورشات الحدث الاستثنائي في الطرح إذ اختار موضوع التطرف ووقوع الشباب في شرك الجماعات الإرهابية موضوعا له، معبرا عن الظروف النفسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من الظروف المؤثرة حيث اعتبرها سببا مباشرا في الضياع الذي يحدث للشباب وخاصة عند ولوجهم المنتديات العامة عبر شبكة الإنترنت فيقتنصهم مبشروا هذه الجماعات المتطرفة ليدخلونهم في أتون الحرب بعد أن يشبعوهم بمعتقدات وشرائع خاطئة.
اللجنة الاعلامية للمهرجان