أخبار عاجلة

حصار المعلمين /محمدو ولد سيدي عبد الله

29 سبتمبر,2014 - 15:38

محمدو سيدي عبدالله  صدر قرار بإعادة كل المعلمين والأساتذة إلى وزارة التهذيب الوطني من مختلف القطاعات التي يعملون فيها، ولم يعط القرار حدا زمنيا لفترة الإعارة للذين يشملهم القرار، وعليهم أن يعودوا لوزارة التهذيب وممارسة التدريس داخل الفصول،
فأصبح بذلك شاملا لؤلئك الذين هم الآن على أبواب التقاعد،
ياتي هذا القرار مفاجئا لكثيرين كانوا يترقبون سياسة جديدة لإصلاح التعليم الذي طالما عبرت الحكومات المتعاقبة عن فساده وعن نيتها السعي لإصلاحه،
ولعل الوزير الأول يحي ولد حد أمين أراد أن يبدو أكثر جرأة من سابقيه، ويقوم بإعادة المدرسين للفصول، ويفرض حصارا على خريجي مدارس تكوين المعلمين ليصلح فساد التعليم ….!!
ولعل الوزير الأول بهذا القرار لم ينتبه إلى بعض النقاط التي أوجزها في ما يلي:
أن هذا القرار هز استقرار مئات الأسر الموريتانية، التي كان آباؤها وأمهاتها يعملون في قطاعات منذ عدد سنين تأقلموا معها، وتغلغلوا في مفاصلها، ووضعوا برامجهم انطلاقا من طبيعة العمل فيها، انقطعوا تماما ـ وهذا حقهم باعتبارهم موظفين ـ انقطعوا لعملهم الجديد واندمجوا فيه، فكان ردهم للرتبة الأولى لهم في سلك التوظيف نوعا من الإهانة وعدم العرفان بالجميل.
أن مختلف الموظفين ليسوا أحق من المدرسين بالترقية والتفاعل الوظيفي والاندماج في القطاعات الأخرى.
أن الهدف من هذا القرار في الظاهر هو إيجاد مدرسين لتعويض النقص الحاصل ـ وهو نقص يفتعله بعض الوزراء لاكتتاب عقدويين من بني جلدتهم أو لمصلحة تخصهم ـ وهؤلاء المعارون انقطعوا عن التدريس منذ أمد بعيد على الأقل منذ مجيء ولد عبد العزيز حيث منع الإعارة، وهم لم يعودوا صالحين أبدا للتدريس لا من الناحية النفسية ولا من ناحية الحافز المادي، ولا من الناحية المعرفية.
أن حصار المدرسين، وخفض معنوياتهم، وقتل الطموح فيهم ياتي بنتائج عكسية في مجال إصلاح التعليم.
أن الوظائف التي ستبقى شاغرة بعد إعادة المعلمين والأساتذة سيتم ملؤها بآخرين أقل تجربة وأقل كفاءة.
وقعت خيبة أمل كبيرة حول ماهية الإصلاح التي ينبغي أن تتم في ظل المأمورية الجديدة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، إذ أن استهداف العنصر البشري وتضييق أفق الطموح عليه ليس ذا جدوى، بل يعتبر استهداف أضعف حلقات السلسة.
أم أن الرؤية الجديدة ترى أن المدرسين مجموعة من الموظفين لا يجوز لهم أن يتخطوا عتبات الفصول تمر عبرهم الأجيال والأجيال …؟؟ يعلوهم الصدأ، وتلوكهم عوامل الزمن تتخطاهم عجلة الزمن، محرومون من رفاهية العيش ….!
رحم الله زمانا كان المعلم فيه صاحب الكلمة الأولى أيام كان المعلمون قدوة المجتمع، ونبراسه الذي يضيء به، أيام عز الأمة وشخصية المثقف، أيام كانت موريتانيا في شموخ، لقد سجل التاريخ الاجتماعي والفني مكانة المعلم، حينها حيث يقول أحد الشعراء للفنانة النعمة منت اشويخ:
يَالنّعْمَ فَتْــشُوعِيرْ ** رَيْتِي حَكْ الرَّايَ
وَاجْبَرْتِي سَنْيَاتِيرْ ** مَجْمُوعْ الْكَرّايَ
فكان توقيع المعلم تزكية لا مثلها تزكية … تزكية للقيم، للفضيلة، للجمال ولكافة النظم الاجتماعية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى