حديث ذو شجون :
1- لن يقودني إلى النقاش الشرعي حول حقيقة أن رسول الله ﷺ رحمة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ولا حول نوع الأمر بالاحتفال بالرحمة { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ }
2- كما لن يقودني إلى تناول العلة الواردة في حديث أبي داوود عن أنسٍ ، وهل يدور معها حكم استحداث الأعياد وجودا وعدما ؟ حيث قالَ : “قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ ”
3- سأتجنب أيضا فيه الاستظهار بأن الاتباع هو المحبة ؛ إذ أن المحب لمن يحب مطيع ، دون الدخول في جدلية الاتباع نفاقا وتملقا وخوفا وطمعا على كثرة ذلك ومعايشته .
4- ولا أريد أن أخوض خلاله في إظهار خطإ الاستدلال بالآية الكريمة {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ } على أن محبة رسول الله هي اتباعه ، بينما الآية وصفت حالة هي محبة العبد لربه { إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ } ووضعت شرطا { فَٱتَّبِعُونِى } ورتبت نتيجة مزدوجة من جائزتين ، أولاهما { يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ } والثانية { وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ } ولم تتطرق لأن محبة رسول الله ﷺ في اتباعه ، كما يسردها القصاصون .
5- سأتحاشى أيضا نقاش مفهوم البدعة بين قبولها حال الاستحسان ( #بدعة_حسنة ) ، وبين رفضها عند المآرب #بدعة وإحداث في الدين .
غير أن الإشكال الذي أريد بحثه ، هو :
1- كيف لمدع محبة محبوب ما ، أن يمنع الاحتفال به شرعا أو تسلطا ؟
2- كيف لمدع محبة محبوب ما ، أن ينزعج من ذكر محبوبه ، أو نشر أخباره ، أو تعداد محامده ، أو البحث عن آثاره ؟
ولحل هذا الإشكال الإنساني ، قبل تصنيفه الشرعي أو الإداري ، فإن لدي قصة معبرة :
في هيمانات #قيس_بليلى ، وذات فقد لها وطول عهد بها ، سمع نباح كلب في قعر الوادي فقال : لعله كلب ليلى ، فتدرك إليه حتى وصله ، فإذا به فعلا كلبها ، فتبعه طوال اليوم شوقا وحنينا ولعل الكلب يذهب لصاحبته ، فلما كان العصر لهث الكلب في اتجاه القرية وقيس يجري وراءه فمرَّا بقوم يصلون ، وبعد ما أوصله لليلى وأنشد لها شعره ، طرده أهلها كالعادة فطفق راجعا إلى القرية ، ومر بالمصلَّى وجلس فيه وحدث الناس عن ليلى فعرفوه ، فقالوا له : لقد مررت علينا ونحن نصلي وأنت تجري وراء كلب .
فقال : والله إن صلاتكم بلا فائدة ؛ إذ قد رأيتموني وأنتم تقفون لربكم ، ولم أركم وأنا أتبع كلب ليلى فقط ، فكيف لو كنت معها فعلا .. #الحب_فناء
#الخلاصة : أن الحب :
1- لا يدخله الرياء ( حب علي رضي الله عنه ) فمن لا يستطيع إظهار الحب فلم يحب بعد .
2- لا يصاحبه البخل ( حب الصديق رضي الله عنه ) فمن لا ينفق بسخاء لم يحب بعد .
3- لا تضره المعصية ( حب نعيمان رضي الله عنه ) فمن ادعى العصمة لم يحب بعد .
4- ولهذه القضية طرفان وواسطة ، فطرفها الأخطر المختفي خلف السلطة وتعميماتها هم غير المتدينين ممن يكرهون إظهار شعائر دين الله مهما كانت ، وهم قلة على نفوذهم وسلطتهم وهو ما اتضح في :
1- تغيير تاريخ مهرجان #مدائن_التراث الذي كان مرتبطا بمولد المصطفى ﷺ، وما لذلك من الدلالة على محاولة تحجيم الحدث المقدس .
2- إلغاء مهرجان سابق للاحتفال بتخرج حفظة للقرءان الكريم ، على الرغم من تفضيل المنظمين لذلك الحدث بالتستر على الأمر ( وهو تصرف خاطئ )
3- إلغاء مهرجان المديح في #معط_ملان المقام احتفالا بمولد المصطفى ﷺ .
أما طرفها الثاني فهم متدينون متطرفون مرتبطون بحركات دينية شهد أهلها عليها بأنها أنشئت بطلب من أجهزة المخابرات الغربية ، احتواء وتجنيدا ، غير أن الضخ المالي زاد من انتشارها مما أخرجها عن السيطرة .
وواسطة القضية هم مسلمون عاديون ، غير أنهم يحبون سماع مدح نبيهم ﷺ ويظهرون محبته ﷺ ويتنافسون بالاحتفال به ﷺ .
#الكل_محب : فاحترموا لكل شخص أسلوبه في الحب ، لكن هل من الحب الانزعاج من المحبوب ؟