
مع مطلع سبتمبر المقبل، تفتح مدينة أطار، حاضرة آدرار وعاصمة الشمال الموريتاني، أبوابها على حدث استثنائي يعيد إليها وهج التاريخ وسحر الجغرافيا، في تظاهرة ثقافية كبرى هي مهرجان أطار الثقافي – وديان الخروب.
إنها محطة تُجسّد رؤية رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في دعم السياحة الداخلية وتشجيع الاصطياف بالمواطن الأصلية، بما يمنح السياحة الوطنية بعدًا اقتصاديًا وثقافيًا متجددًا.
المقاومة: ذاكرة تتجدد
يأتي المهرجان هذه المرة محمّلًا بذاكرة المقاومة الوطنية، وهو بعد ظلّ غائبًا عن كثير من التظاهرات السابقة رغم مكانته الجامعة.
فآدرار لم يكن يومًا مجرد فضاء جغرافي، بل كان سجلًا ناصعًا للبطولة والصمود، حيث ارتوت رماله بدماء الشهداء. وما رمزية وديان الخروب بتيرس إلا شاهد على ذلك، حيث يرقد الأمير الشهيد سيد أحمد ولد أحمد ولد عيده، ليظلّ قبره عنوانًا خالدًا للارتباط العميق بين الأرض والمقاومة.
السياحة العلمية: ثروة واعدة
لا يقتصر المهرجان على استحضار الذاكرة الوطنية، بل يفتح نافذة جديدة على السياحة العلمية من خلال الكنوز الجيولوجية التي تزخر بها آدرار وتيرس زمور، مثل:
مصفوفة بنعميرة
فوهة تنومرن
قلب الريشات في وادان
هذه المواقع الفريدة تمنح لموريتانيا فرصة لتكون قبلة للباحثين والعلماء، حيث تلتقي المقاومة والتاريخ والعلوم في لوحة واحدة تبعث الأمل في تنمية مستدامة.
تميّز المهرجان أيضًا ببرنامجه الاجتماعي والتنموي غير المسبوق، الذي يترجم الثقافة إلى التزام عملي بخدمة الإنسان والمكان، ويتضمن:
- توزيع أدوات مدرسية على 200 تلميذ بالمدارس الابتدائية (50 من كل بلدية).
-التبرع بالدم لصالح بنك الدم بالمستشفى الجهوي بأطار.
-توزيع المصاحف على بعض المساجد والمحاظر.
-حملة تشجير في الساحات وملتقيات الطرق.
-تقديم مساعدات مالية للأسر الأكثر احتياجًا.
إن نجاح مهرجان أطار لا يتوقف على جهود اللجنة المنظمة وحدها، بل يحتاج إلى تكاتف الجميع: من الأعيان ورجال الأعمال والمثقفين والأطر، إلى الشباب والمنتخبين وسكان الشمال عامة.
إنه حدث وطني بامتياز، يعيد لأطار إشعاعها الثقافي، ويجعل من المقاومة عنوانًا متجددًا للفخر والانتماء.
إنه بحق مهرجان عودة الأمل، مهرجان يربط الماضي بالحاضر ويفتح آفاق المستقبل.
“أطار اليوم لا تستعيد ماضيها فقط… بل تصنع مستقبلها.”