أخبار عاجلة

تدوينة أثارت العاصفة: بيجل يتحدّث عن مشروع لم يكتمل رغم اكتماله/احمد محمد يانه

23 نوفمبر,2025 - 11:07


تأتي تدوينة بيجل ولد هميد في سياق يعتمد فيه الرجل على رصيد طويل من التجربة السياسية، وخبرة واسعة في تسيير الشأن العام، إضافة إلى مكانته داخل البنية السياسية في موريتانيا.
لذلك، فإن ما يكتبه لا يُقرأ باعتباره رأيًا عابرًا، بل موقفًا يصدر عن شخصية لها وزن سياسي ورمزي. ولهذا تتجه الأنظار دائمًا إلى ما يقوله، ويتعامل معه الفاعلون الحكوميون والرأي العام بوصفه مؤشرًا مهمًا على اختلالات تلامس الواقع الإداري والتنموّي.

على الرغم من أن مضمون التدوينة حاد في نقده، إلا أن لغة بيجل جاءت هادئة ومنهجية. فهو لا يهاجم أشخاصًا، بل ينتقد الخيارات والسياسات وطريقة اتخاذ القرار.
هذا الأسلوب يمنح مداخلته قوة خاصة، لأنه يقدّم نقدًا مسؤولًا يستند إلى معطيات لا إلى ردود فعل، ما يجعل رسالته أكثر قبولًا حتى لدى الجهات الرسمية، وأكثر تأثيرًا لدى المواطن.

تميّزت التدوينة بطرح جوهر المشكلة: سوء الإدارة وضعف التخطيط، وليس فقط الفساد أو إهدار المال العام.
الجملة التي قال فيها:
“سوء الإدارة لا يعني فقط اختلاس المال العام، بل يعني أيضًا غياب الخيارات المالية الرشيدة.”
تحوّلت إلى محور نقاش واسع لأنها تنقل المساءلة إلى مستوى مؤسساتي، وتطرح سؤالًا مباشرًا حول كيفية اتخاذ القرارات الحكومية في المشاريع الكبرى.

لم تأتِ التدوينة في شكل خطاب سياسي فقط، بل تضمنت أمثلة تقنية دقيقة:
• نقد مسار الطريق بطول 42 كيلومترًا
• مقارنة بين التكلفة المتوقعة والنهائية
• التوقف عند التأخر الزمني الذي تجاوز

هذا الطرح يجعل التدوينة أقرب إلى تقرير مهني، ويعطيها مصداقية فنية تزيد من وزنها في النقاش العام.

إشارته إلى المرسوم 87 – 289 ليست تفصيلًا إداريًا، بل مطلبًا سياسيًا:
ضرورة احترام صلاحيات المنتخبين المحليين والتشاور معهم في المشاريع التي تخص دوائرهم.
بهذا المعنى، فإن بيجل لا ينتقد مشروعًا واحدًا، بل يشير إلى خلل بنيوي أعم في طريقة إدارة التنمية، وهو ما يجعل نصّه مادة متقدمة للنقاش في الشأن العمومي.

هناك عدة تفسيرات لكون تدويناته تلفت انتباه البلاد بأكملها:
تاريخه السياسي الطويل وموقعه في المشهد الوطني.
وزنه الاجتماعي والقبلي الذي يمنحه تأثيرًا واسعًا.
لغة عقلانية غير انفعالية تضمن احترام خطابه حتى لدى من يختلفون معه.
مزجه بين المعلومة الفنية والتحليل السياسي بطريقة نادرة.
توقيت تدويناته الذي دائمًا ما يأتي في ظل تعثر مشاريع أو نقاشات حساسة.
ندرة السياسيين الذين يملكون جرأته ورزانته في آن واحد.

وراء الحديث عن الميناء والطريق والماء، هناك رسالة أعمق:
أن التنمية لا يمكن إدارتها من مكاتب مركزية بعيدة عن الواقع، وأن تجاهل رأي المنتخبين المحليين يؤدي إلى خسائر مالية وزمنية كبيرة، ويؤثر على جدوى المشاريع.

من المهم الإشارة إلى أن كلام بيجل سواء في تدوينة أو تصريح يتحول غالبًا إلى حديث الساعة في موريتانيا، وتتلقفه:
• الصحف الوطنية
• المواقع الإلكترونية
• البرامج الحوارية
• الصفحات المؤثرة على وسائل التواصل

والسبب في ذلك هو مزيج من المصداقية والجرأة، إضافة إلى قدرة الرجل على تبسيط قضايا تقنية معقّدة وتقديمها للرأي العام بلغة واضحة ومباشرة.
كما أن مكانته السياسية والاجتماعية تجعل كل تعليق يصدر عنه محط اهتمام وتأويل، وكأنه رسالة مشفّرة تحمل في طياتها تقييمًا حقيقيًا لأداء الحكومة ومسار المشاريع

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى