فوطننا الحبيب يعاني من أزمة قديمة جديدة مستعصية تعيق بناءه على أساس العدل و المساواة؛ ألا وهي أزمة توريث الكراسي الوزارية والمناصب العليا بالتقادم، وهي لعمري أزمة مستفحلة وعصية عن الحل، ولذلك فقد أصبحت بعض هذه الكراسي والمناصب دُولةً بين شرذمة قليلة من المفسدين و أكلة المال العام، أو من له صلة شخصية بالجهات المعنية بالتعيين، وعلى هذا النهج غير الموفق يستمر مسلسل “توريث الكراسي” لهؤلاء.

ومع هذا كله لا يزال السواد الأعظم من أبناء هذا الشعب يغض الطرف عن المطالبة بالمساواة والعدالة الاجتماعية في تولي المناصب وتسيير الشأن العام، كما تتجاهل السلطات المتعاقبة على حكم البلد، الالتزام بأحكام القانون التي تنص على أن كل المواطنين الموريتانيين أمام القانون سواء، وأن لكل مواطن موريتاني حقوق وواجبات، ولا يمكن التمييز بينهم في تولي المناصب العليا وخدمة الوطن إلا على أساس الكفاءة والوطنية والإخلاص، لا على أساس الجهة أو العرق أو اللغة…
فالقانون صريح في اشتراط الكفاءة، والوطنية، والإخلاص للشعب والوطن…
وعلى هذا ومع وجود تغييرات في مناصب حسساسة، يتوقع أن نشهدها خلال الأيام المقبلة تحتاج المرحلة الآن إلى شخصيات وطنية جديدة تتسم بالكفاءة ونظافة الأكف، بعيدة كل البعد عن أكل المال العام مخلصة للوطن، فمثل هذه الشخصيات هي وحدها القادرة على إدارة الملفات الحساسة، سواء تلك الملفات الداخلية أو الخارجية…، وهي التي تمتلك القدرة على تسيير هذه المرحلة…
فبناء هذا الوطن بناء قويا؛ يحتاج لتوفر الصفات المذكورة في من أصحاب المناصب العليا، ولا يمكن أن يتم عبر إعادة تدوير ذات الأسماء والأوجه من المفسدين وأصحاب السوابق في أكل المال العام والرشوة والفساد…، أو بتوزيع المناصب وفق الولاءات الضيقة.
فالبلد بحاجة ماسة إلى كل أبنائه المخلصين وطاقاته وكفاءاته المعطلة بفعل التهميش و الإقصاء و الإبعاد عن المشهد .. و إلى كل العقول الشبابية من أصحاب الهمم التي يُعتمد عليها في النهوض بهذا الوطن الغالي.
ولا يمكن بناء وطن يتساوى فيه الجميع إلا بشعور كل مواطن بدوره ومكانته في بناء ذلك الوطن.
فالوطن لا يحمى إلا بالمخلصين، ولا يبنى إلا على أساس الكفاءات، ولا يستقر إلا بالعدل والمساواة بين جميع أبنائه .
الصحفي والباحث : الشيخ باي ولد محمد الأمين