أخبار عاجلة

الشاعرة الصحراوية النانة الرشيدتكتب عن قمة نواكشوط الإفريقية

5 يوليو,2018 - 08:06

nana  لم تكن قمة الإتحاد الإفريقي المنعقدة مؤخرا بنواكشوط حدثا يشبه غيره و لا لقاءا عاديا درج قادة افريقيا على عقده بشكل دوري اعتيادي.
بل كانت علامة فارقة في نص التاريخ اليومي المعاش و محطة تحول كبرى ضجت بها مصابيح شتى، مسحت أنوارها اللبس عن محيا ماض ملغوم بالجراح، و أضمرت أضواؤها النار في قلوب العابثين بقدر الوشائج، فبهت الذي كفر بعمقها و تأصلها.
كانت قمة موريتانيا و قضية الشعب الصحراوي بدون منازع، كانت قدرا ربانيا ساق الإمتداد لعمقه و جمع المنابع بروافدها، فأينعت مساحات التلاقي بالمحبة الطافحة و الإفتخار الجم.
على مدار العقود الماضية راكمت الدولة الصحراوية حضورا أفريقيا وازنا و أحرزت ثباتا بينا، ألزم الأفارقة رغم فوارق التبعية و العوائق التنموية تبني قضية الشعب الصحراوي، و جعلها ضمن الأولويات القارية، كان ذلك بفضل جهود الدبلوماسية الصحراوية المنافحة عن حق شعبها و المؤمنة بمكانة قارة أفريقيا و مستقبلها.
و عملت الدبلوماسية الموريتانية خلال العقد الأخير على إحراز و تحقيق شأن دبلوماسي إقليمي و عالمي، تعددت فيه الساحات، و أخضعت إليها حكومات و منظمات كانت إلى عهد قريب تنظر لموريتانيا بعين الضعف والريبة.
لقد اجتمع بقمة الإتحاد الإفريقي الأخيرة بنواكشوط مما يعني موريتانيا و الصحراء الغربية ما لم يجتمع بكل القمم السابقة، فقد كانت القمة الأولى المنظمة بموريتانيا المستقلة منذ أكثر من نصف قرن، و كانت أبرز تماس دبلوماسي بين موريتانيا و الصحراء الغربية منذ اعترفت الأولى بالأخيرة قبل أكثر من ثلاثة عقود ،دولة معلنة باستثناءات عدة و اتخذت حيالها حيادا موصوفا بالإيجاب حينا و بالسلب أحيانا أخر، كانت كذلك القمة الأولى التي تنظم ببلد مغاربي بعد انضمام المملكة المغربية للإتحاد الإفريقي و قد غادرت الحاضنة الأم قبل عقود، احتجاجا على تبني مقعد الدولة الصحراوية، بالإضافة إلى ما تضمره مملكة التوسع و الاحتلال و ما تعلنه تجاه موريتانيا من مزاعم التبعية و المؤاخذات جراء مواقف الأخيرة غير الشططة حيال الشعب الصحراوي و قضيته، بالإضافة -و هذا الأهم -أنها كانت القمة الأولى التي خصص ضمن جدول أعمالها نقاش خاص و منفصل حول القضية الصحراوية سبقته جولات المفوض الإفريقي للبلدان المعنية بالصراع الصحراوي المغربي و من بينها طبعا موريتانيا.
خلال يومي القمة و ما سبقهما وتلاهما من فقرات التهيئة و التنظيم، ظلت المعطيات بكل تفاصيلها الكبيرة و الصغيرة مؤشرات على أن للحدث الإفريقي ما بعده، دون أن يكون التراجع عما حقق أمرا مطروحا أو ممكنا حتى.
فقد حط زعيم البوليساريو و قائد حربها و سلمها رحاله ببلده الثاني معتزا باللحظة المميزة، ليكون أول رئيس صحراوي يأتي موريتانيا حاملا يقين الدولة الصحراوية، مجسدا شعار: أنها حقيقة لا رجعة فيها، مخلدا ذكرى كل الذين عبدوا طريق الأخوة هذا و سعوا بالصبر و الروية على تأكيد أن موريتانيا الشقيقة الكبرى و الشعبين الصحراوي و الموريتاني بيضتان في عش واحد، مهما كانت متاريس السياسة وجورها.
و هناك، بسطت نواكشوط أذرع المودة وأشرعت أبواب و نوافذ المحبة على مصراعيها.. و لم تخفي العيون الفائضة بالترحاب و لا الكلمات الحارة الصادقة الهاربة من سور الرسميات، ما تعنيه زيارة الوفد الصحراوي من دلالات، حتى و إن جاءت ضمن حدث إفريقي تكرر و يتكرر بمناطق إفريقية مختلفة.
لقد قيض للصحراويين و الموريتانيين ما يجمع شملهم؛ بلدين جارين و شعبين شقيقين، إذ أخرجت الفرص السانحة صورة الإمتداد و التأصل الصحراويين ضمن المجتمع الموريتاني، مما لا يمكن تجاوزه أو تجاهله، و ما صور الاستقبال الجماهيري العفوي للرئيس إبراهيم غالي، و تواتر الوفود الشعبية لتحيته و إكرام وفادته إلا بعض دلائل ذلك.
و عطفا على كل ما سبق، و تأكيدا على استثنائية قمة نواكشوط، تتويج أشغال القمة بقرار تاريخي ينصف حق الشعب الصحراوي و قضيته و يؤكد اهتمام و تشبث الإتحاد الإفريقي بقراراته السابقة و عنايته بحل القضية الصحراوية، إذ صودق على تشكيل لجنة رئاسية معنية بالقضية، في حين كان القرار قاصما لظهر بعير مملكة الاحتلال المنضمة -على مضض- للحاضنة الإفريقية، و اللاهثة -دون جدوى-وراء إقصاء الدولة الصحراوية و عزل قضية شعبها.
و على قدر عزم الصحراويين أتت عزائمهم، و عادوا معاقلهم مدججين بيقين النصر الآتي لا محالة، يحملون زاد الجبهات المقبلة، تحفهم تلويحات التضامن والتآزر التي كانت آخر ما ودعهم به رئيس موريتانيا الشقيقة محمد ولد عبد العزيز و رائد نهضتها الموعودة .

بقلم: النانة لبات الرشيد

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى